top of page
نظرية الحق في القانون
Oct 10, 2023

المقدمة
لكل إنسان على وجه الأرض حقوق يتمتع بها، تضمن له الأمان والعيش بسلام، وفي المقابل تترتب عليه واجبات لا بد من تأديتها لضمان حق الغير وضمان السلام والعدل لجميع الأطراف، ويُعتبر القانون هو المُنظم لهذه الحقوق والواجبات، كونه مجموعة من القواعد والضوابط المُلزمة التي تنظم تعامل الأفراد في المجتمع، وهذه القواعد مرتبطة بجزاء؛ لضمان احترام الناس وتأديتهم لها، فالإنسان عنصر اجتماعي يعيش في مجتمع تربط أفراده علاقات قانونية، تتولى السلطة العامة تنظيمها وحفظ الحقوق والواجبات الناشئة عنها، والقانون والحق متلازمان؛ فالقانون يقرّ الحقوق للأفراد ويعترف لهم بمراكز قانونية معينة، تعطيهم امتيازات وسلطات مختلفة تسمح لهم بممارسة الصلاحيات التي خولتها لهم، وبالتالي فهو مُنشئ للحقوق؛ يرسمها ويحددها ويحدّد الضمانات التي تكفل حمايتها.
وتتميز نظرية القانون بتنظيمها للعلاقات التي تنشأ بين أفراد المجتمع ببعضهم البعض أو بينهم وبين الدولة على وجه الإلزام، وتكون مقترنه بقصد فرض احترام الناس لها، بينما تتميز نظرية الحق بتنظيمها للسلطات التي تُمنح للأفراد لتحقيق مصالحهم، فمتى ما وجد أشخاص في مكان ما كان لا بد من نشوء علاقات فيما بينهم، فيترتب عن هذه العلاقات نشوء حقوق وواجبات متبادلة.
الأمر الذي يتطلب تقرير الحقوق وفرض الواجبات المقابلة لها، فهي وسيلة القانون لتنظيم علاقات الأفراد في المجتمعات، وتقرير الحقوق هو غاية القانون إذ يُبيّن ما يتمتع به الأفراد من حقوق وما يفرض على الغير من واجبات لا بدّ من احترامها، لذلك تعتبر نظرية الحق شاملة للقانون.
أولاً: مفهوم الحق
اختلف مفاهيم الحق نظراً لاختلاف الزوايا المنظور إليه منها، فمنهم من نظر إليه من ناحية صاحب الحق وتمثل في الاتجاه الشخصي، ومنهم من نظر إليه من جانب موضوع الحق والغرض منه وتمثل بالاتجاه الموضوعي، ومنهم من نظر إليه من الجانبين معاً ليمثل الجانب المختلط، بالإضافة إلى ذلك ظهر اتجاه اخر في الفقه الحديث يتزعمه الفقيه البلجيكي جون دابان([1]).
فقد عرف اصحاب الاتجاه الشخصي الحق بأنه قدرة أو سلطة إرادية ينسبها القانون لشخص من الأشخاص، حيث يتيح له أن يقوم بعمل معين في ضمن حدود القانون، كما عُبر عنه بأنه القدرة أو السلطة الإرادية التي يوكلها القانون لشخص من الأشخاص في نطاق معلوم، فالقانون هو الذي يزود الشخص هذه القدرة، وهو صاحب حق متى ما كانت ارادته ضمن حدود القانون، فالحق لا يوجد إلا إذا أراده الشخص في حدود القانون([2]).
بينما عرف أصحاب الاتجاه الموضوعي الحق على أنه مصلحة يحميها القانون، وعليه فجوهر الحق ليس في الإرادة وإنما في المصلحة أو الفائدة التي تعود على الشخص، وبهذا تكون المصلحة عند أصحاب هذا الاتجاه من عنصـرين عنصـر يتعلق بالغاية العملية من الحق وهي الفائدة أو المنفعة أو العائد الذي يعود من الحق، وعنصر يتعلق بالحماية الذي لا بد منه لحماية المصلحة المبتغى تحقيقها عن طريق الدعوى([3]).
بينما توجه المذهب المختلط إلى الجمع بين الاتجاهين السابقين لتجنب الانتقادات التي طالتهما فجمع بين الارادة والمصلحة، وعليه كان القول بان الحق وإن كان سلطة ارادية فهو في الوقت ذاته مصلحة محمية، فالحق ليس بإرادة، لأنه يثبت للشخص ولو لم تكن له إرادة، وليس بمصلحة لأن المصلحة ليست جوهر الحق وإنما هي الغاية([4]).
وقد كان تعريف الحق في النظرية الحديثة وفقاً لـ دايان بأنه ميزة يمنحها القانون لشخص ما ويحميها بطرق قانونية وبمقتضاها يتواجد حق تصرف الشخص بمال معترف له به بصفته مالكاً أو مستحقاً له([5]).
ثانياً: أقسام الحق وأنواعه
تنقسم الحقوق بصورة عامة إلى حقوق سياسية وحقوق غير سياسية (مدنية)، والحقوق المدنية تنقسم إلى حقوق مدنية عامة وحقوق مدنية خاصة، وفيما يلي توضيح ذلك([6]):
أولاً: الحقوق السياسية: وهي عباره عن حق للشخص باعتباره عضواً في جماعة سياسية معينة بهدف المساهمة في حكم الجماعة، كحق تولي الوظائف العامة، وحق الانتخاب، والترشح...أخ، فهذه الحقوق تخص المواطنين الأصليين دون الأجانب، كما انها تخص البالغين الراشدين دون القصر.
ميزات الحقوق السياسية عن غيرها من الحقوق:
انها لا تخول ميزات او حقوق خاصة للمواطن، وإنما هي من قبل الوظائف السياسية.
أنها الضمانة للتمتع بالحقوق المدنية.
انها تتعلق بأمور السلطة السياسية وكيفية تكوينها.
أنها تُلزم توفر شروط معينة للتمكن من ممارستها.
ثانياً: الحقوق غير السياسية (الحقوق المدنية): سُميت بالمدينة تمييزا لها عن الحقوق السياسية حيث تختلف عنها لكونها حقوق يتمتع بها كل من يقطن البلد سواء أكان وطني أو اجنبي، فهم على السواء يمتلكون نفس الحقوق المدنية، وتنقسم هذه الحقوق إلى([7]):
الحقوق العامة (الحريات العامة): وتُسمى بالحقوق اللصيقة بالشخصية أو الحقوق الشخصية، وهذه الحقوق الشخصية تثبت للشخص بمجرد ولادته بصفته إنساناً وتنتهي بوفاته وهي تشمل طائفة من الحقوق الشخصية مثل: حق الإنسان في الحياة، حرية الرأي، الحق في العمل...أخ، وهذه الحقوق تتميز بأنها أساسية وضرورة لا يمكن العيش بدونها ولهذا فإن القانون وضع لها الحماية اللازمة وعاقب كل من يمس بها جزائياً، فهي ترمي إلى حماية الكيان المادي للإنسان، وحماية الكيان المعنوي والنشاط الشخصي([8]).
الحقوق الخاصة: وتنقسم الحقوق الخاصة إلى حقوق الأسرة، والحقوق المالية كما يلي([9]).
حقوق الأسرة: وهي الحقوق التي تثبت للشخص بصفته فرداً ينتمي إلى اسرة معينة، وهذا النوع من الحقوق لا يقوم بالمال لذلك هو خارج دائرة التعاملات فلا يجوز التنازل او التخلي عنه والتصرف فيه.
الحقوق المالية: وتُسمى بحقوق الذمة المالية، لأن موضوع الحق فيها يقوم بالمال وتتمثل في: الحقوق العينية، والحقوق الشخصية، والحقوق الذهنية، وفيما يلي ذكر هذه الأنواع كل منها على حده:
أ) الحقوق العينية: الحق العيني هو استئثار يتقرر للشخص على شيء ما أو على قيمة مالية معينة، وتنقسم الحقوق العينية إلى حقوق عينية أصلية، وحقوق عينية تبعية.
الحقوق العينية الأصلية: وهي حقوق عينية تقوم بذاتها دون حاجة إلى وجو حق آخر تتبعه فيقصد بها تمكين صاحب الحق من الحصول على المزايا المالية للأشياء المادية.
الحقوق العينية التبعية (التأمينات العينية): وهي الحقوق التي لا توجد بشكل مستقل كالحقوق العينية الأصلية، وهي ليست مقصودة لذاتها وإنما الغرض منها ضمان الوفاء بحقوق الدائنية، والحق العيني التبعي يستند كما سبق إلى حق شخصي يكون تابعاً له فهو يبقى ببقائه ويزول بزواله، وما دام الحق الشخصي هو حق مؤقت فإن الحقوق التبعية هي كذلك مؤقته، وقد وُجد نظام الحقوق العينية التبعية كضمان للدائن أي صاحب الحق الشخصي ولهذا تدعى بالتأمينات العينية.
ب) الحقوق الشخصية: الحق الشخصي هو استئثار غير مباشر بأداء معين يتقرر لشخص يسمى الدائن قبل شخص آخر يسمى المدين، بمقتضاه يلتزم المدين قبل الدائن بأداء معين، أي بالقيام بعمل أو بالامتنــــــاع عن عمل.
ج) الحقوق الذهنية: هي نوع من الحقوق التي تنتج عن الفكر البشري كالابتكار، بحيث تظهر شخصية صاحبه ويجد هذا الحق مصدره في الدستور والقانون، وهي حقوق تنصب على أشياء غير مادية مثل حقوق الملكية الصناعية، كبراءة الاختراع والعلامة التجارية والاسم التجاري...أخ، وحقوق الملكية الأدبية والفنية، ومن أبرزها حقوق المؤلف كتأليف كتاب علمي أو أدبي...أخ.
ثالثاً: أركان الحق
يقوم وجود الحق على ركنين أساسيين هما: أشخاص الحق، حيث يكون الشخص الذي يكتسب الحق إمّا شخصاً طبيعياً وهو الإنسان وإمّا شخصاً معنوياً (اعتبارياً)، الّلذان يشكلان أصحاب الحق، إضافة إلى هذا يجب أن يكون للحق ركن ثاني يرد عليه والمتمثل في محل الحق الذي قد يكون شيئاً أو عملاً([10]).
الركن الأول: أشخاص الحق (الشخصية القانونية) شخص الحق هو الشخص الذي يختص بشيء معين أو قيمة مالية معينة، ويُسمى بصاحب الحق، والشخص في المجال القانوني هو من يتمتع بالشخصية القانونية، والشخصية القانونية كما تثبت للإنسان (الشخص الطبيعي) تثبت لغير الإنسان (الشخص الاعتباري).
الشخص الطبيعي: هو الإنسان، وهو شخص صالح يتمتع بالحقوق ويتحمل الواجبات، أي أن له شخصية قانونية، وهي شخصية تثبت لكل إنسان بغض النظر عن سنه، وتظل ملازمة له طول حياته ولها مميزات خاصة وإذا كان الإنسان له شخصية يكتسب بها الحقوق ويتحمل بها الواجبات، فإنه يُفترض أن لديه القدرة على القيام بالأعمال القانونية سواء بنفسه أو بواسطة غيره([11]).
الشخص الاعتباري: يُعبر عنه بمجموعة من الأشخاص أو الأموال التي ترمي إلى تحقيق غرض معين يعترف بها القانون.
الركن الثاني: موضوع الحق (محل الحقّ): إذا كان من اللازم أن يكون للحق صاحباً فلا بد أن يكون له موضوعاً أو محلاً يتمحور حوله وينصب عليه، فموضوع الحق أو محله هو الأمر الذي يرد عليه الحق، ومحل الحق يختلف في الحق الشخصي عنه في الحق العيني، فإذا كان محل الحق الشخصي عبارة عن عمل أو امتناع عن عمل يلتزم به المدين في مواجهة الدائن، فإن محل الحق الشخصي عبارة عن عمل او امتناع عن عمل يلتزم به المدين في مواجهة الدائن، فإن محل الحق العيني هو الشيء الذي تقع عليه السلطة المباشرة لصاحب الحق، ومنه فمحل الحق الشخصي هو العمل ومحل الحق العيني هو الشيء([12]).
رابعاً: مصادر الحق
يُقصد بمصادر الحق السبب الذي يؤدي إلى انشائه، حيث ينشأ الحق إمّا عن واقعة قانونية وإمّا عن .تطرّف قانوني، فبالنظر إلى مصادر الحق نجد أن القانون هو مصدرها جميعاً، فلا وجود لحق إلا بأمر القانون، فهو المصدر العام لها وهو مصدر غير مباشر.
ومصادر الحق يرجعها القانون إلى طائفتين، الطائفة الأولى هي الوقائع القانونية والطائفة الثانية هي التصرفات القانونية أو الأعمال القانونية، فالوقائع القانونية هي كل حدث أو عمل مادي يرتب القانون عليه أثراً معيناً، يتمثل في انشاء حق أو نقلة أو تغييره أو زواله، والتصرفات القانونية أو الأعمال القانونية هي كل إرادة تتجه إلى ترتيب أثر قانوني معين، كإنشاء حق أو نقله أو تعديله او انهائه([13]).
خامساً: الحماية القانونية للحق واثباته
إن القانون يقرّ الحقوق ويوفر لها في المقابل حماية قانونية وتعتبر عنصراً من عناصر تكوين الحق، ففي حال تم التجاوز على الحق يضمن القانون لصاحبه الوسائل القانونية الكفيلة من أجل حمايته كالدفع أمام القضاء، ويكون عن طريق رفع دعوى قضائية محاولاً إثباته، أمّا إذا كان هناك تجاوز من قبل صاحب الحق في استخدام حقه أي تعسّف في استعمال الحق هنا تسقط الحماية القانونية عنه.
بينما يُقصد بأثبات الحق في هذا الموضوع إقامة المدعى بالحق الدليل على انه صاحب الحق المطلوب حمايته، والاثبات لا ينصب على الحق المتنازع فيه، وإنما على الواقعة القانونية "مصدر هذا الحق"، والواقعة قد تكون تصرف قانوني كالبيع، وقد تكون مادية كالفعل الضار الذي يلزم المتسبب فيه بالتعويض أو الفعل النافع الذي يلزم المثري بتعويض المفتقر بالقدر الذي أثر وأضر به([14]).
سادساً: انتقال الحق
انتقال الحق هو أن يحل شخص جديد محل الدائن مع بقاء الحق نفسه دون تغيير، والأصل أن جميع الحقوق قابلة للانتقال، أي قابلة للتعامل فيها ويستثنى من ذلك الحقوق المتصلة بالشخصية لأنها مرتبطة بالشخص ولا تنقضي إلا بوفاته([15]).
وتنقل الحقوق العينية بين الأشخاص بعد الموت عن طريق الميراث أو الوصية، وإما أثناء الحياة فتنتقل الحقوق العينية إما عن طريق البيع أو الهبة أو عن طريق الشفعة ويُقصد بالشفعة رخصة الحلول محل المشتري في بيع العقار.
وتنتقل الحقوق الشخصية بنفس الكيفية التي تنتقل بها الحقوق العينية كالميراث أو الوصية...أخ، كما تنتقل هذه الحقوق بطريقة خاصة في حوالة الحق وحوالة الدين.
سابعاً: انقضاء الحق
لا تبقى الحقوق قائمة إلى الأبد؛ فلا بد من حصول وقائع أو تصرفات يترتب عنها انقضاء هذا الحق، وتختلف أسباب انقضاء الحق وتتعدد بتعدد أنواع الحقوق تبعاً لخصائصها ومميزاتها، فقد نص القانون المدني على الأسباب والحالات التي ينقضي بها الحقوق العينية الأصلية والحقوق العينية التبعية، كما نص على انقضاء الحقوق الشخصية (الالتزام)، حيث تنقضي الحقوق الملكية بوفاة المالك أو بهلاك الشيء المملوك أو التصرف فيه بالبيع أو بنزع ملكيته من أجل المنفعة العامة أو بتأميمه من طرف السلطة العامة، أما حق الانتفاع فهو ينتهي بوفاة الشخص المنتفع أو بهلاك الشيء، أو انقضاء أجل الانتفاع، أو بعدم الاستعمال، أما الحقوق العينية التبعية من حقوق الامتياز والرهن الرسمي والرهن الحيازي فتنقضي بانتهاء الدين المضمون، بينما تنقضي الحقوق الشخصية (الالتزام)، باستيفاء الحق، واستيفاء ما يعادل الحق بما يعادل الوفاء، وبانقضاء الحق دون استيفائه([16]).
ثامناً: أهمية فهم نظرية الحق في القانون
فهم نظرية الحق في القانون أمر بالغ الأهمية في المجتمع القانوني، إذ يمثل الحق أساساً في توزيع العدالة وتنظيم الحياة الاجتماعية، وعلى الرغم من تعدد المفاهيم والتعاريف حول الحق إلا ان الفهم الواعي له يسهم في تحقيق العدالة وقياس الأفعال وفقاً لقواعد القانون.
وتعتبر نظرية الحق تمثلاً للقيم والمبادئ التي يحاول القانون تحقيقها، ولها مزايا عدة تشمل ضمان الحريات الفردية والحقوق الاجتماعية والاقتصادية للأفراد والمجتمعات، حيث تعزز هذه النظرية المفاهيم والقيم الإنسانية، وتعكس جوهر الحق والعدالة في المجتمع، وبذلك توحد وتحافظ على التضامن والوحدة بين الأفراد([17]).
وتوجد تحديات كثيرة في فهم نظرية الحق في القانون، واهمها الصـراعات المتعلقة بالمصلحة الشخصية وغياب الثقافة القانونية، وهذا يؤدي إلى حدوث التعدي على الحقوق، فمن المهم فهم أن القانون يسعى لتحقيق مصلحة الجميع، عند معرفه الواجبات الفردية التي ترتبط بها، وإلا فسوف يتعرض الأفراد للمس من قبل المتعدين على حقوقهم، لذلك يحتّم على المجتمع القانوني فهم نظرية الحق لكي يتمكن من فهم علاقاته وتفعيلها وتحقيق العدالة، فالحقوق لا تأتي بالصدفة وإنما تأتي بالعمل الجاد والفهم الواعي، وإلا فإن الحقوق ستضيع ويتعرض الأفراد لغياب العدالة والمس بحقوقهم([18]).
ولذلك ينبغي على القانون والأفراد تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات، وتحقيق الحوار والتفاهم والتداخل بين القيم والتعاليم الدينية والقانونية، فالتوافق يساعد في بناء المجتمع القانوني وفي تحقيق العدالة والحق([19]).
تاسعاً: تحديات تطبيق نظرية الحق
تواجه تطبيق نظرية الحق في القانون المعاصر العديد من التحديات، ويُعزى ذلك إلى تعدد المفاهيم والأسس الفلسفية المرتبطة بالحق وتطورها عبر العصور، وتعتبر التحديات الكبرى التي يواجهها تطبيق نظرية الحق في القانون المعاصر هي تحديد محتوى الحق وخصائصه بطريقة متفق عليها، وتوضيح مفهوم النظام القانوني وعلاقته بمفهوم الحق، كما يواجه تطبيق نظرية الحق في القانون المعاصر تحديات فيما يتعلق بتحديد نطاق ممارسة الحق، وذلك عندما يتصادم الحق مع حقوق أخرى محددة بالقانون، ولذلك يجب تحديد حدود ومسؤوليات وحقوق كل طرف بطريقة واضحة وموضحة في النظام القانوني.
وقد تضافرت هذه التحديات مع تطور العولمة وزيادة العلاقات الدولية وتبادل المصالح الاقتصادية والثقافية بين الدول، مما أظهر حاجة النظام القانوني الدولي إلى التطور والتحديث بما يتلاءم مع الواقع الراهن وتحديات العصر([20]).
الخاتمة:
نظرية القانون مكونة من مجموعة من القواعد التي تنظم سلوك الأفراد في المجتمع على وجه الالزام وتكون مقترنة بجزاء، بينما نظرية الحق فهي بمثابة التكريس العملي لهذه القواعد والضوابط؛ بما تقره من حقوق وما تتضمنه من قواعد تضمن الحفاظ على المصالح وحمايتها وفق القانون، وتعد نظرية الحق في القانون من القضايا الهامة التي يجب على الجميع فهمها وتحليلها بطريقة علمية، إذ يمكن من خلال فهمها تفعيل العدالة والحق، وتنظيم الحياة الاجتماعية للأفراد والمجتمعات، وعلى المجتمع القانوني أن يعمل جاهدًا لضمان فهم نظرية الحق وتطبيقها في الحياة العملية، وهو ما يتطلب التركيز على تفعيل الثقافة القانونية ونشرها بين أفراد المجتمع، وضمان حقوق الجميع بغض النظر عن الخلفية والدين والجنسية.
ونجاح تطبيق نظرية الحق في القانون المعاصر يعتمد على قدرة الأنظمة القانونية سواء الدولية أو الوطنية، على مواكبة التغييرات والتطورات في المجتمعات، وتطبيق العدالة والمساواة والحرية بطريقة تضمن حماية حقوق الإنسان وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية.
النتائج:
يتضح أن نظرية القانون من النظريات التي تُعنى بتنظيم العلاقات بين أفراد المجتمع ببعضهم البعض وبينهم وبين الدولة القائمين فيها على وجه الإلزام، بينما تُعنى نظرية الحق بالسلطات التي تُمنح للأفراد بهدف تحقيق مصالحهم، ومن النتائج التي تم استنتاجها أيضاً ما يلي:
تُعتبر نظرية الحق نظرية شاملة للقانون؛ فتقرير الحقوق هو غاية القانون إذ يُبيّن ما يتمتع به الأفراد من حقوق ويفرض على الغير واجبات لا بدّ من احترامها.
تواجه نظرية الحق في القانون تحديات كثيرة، اهمها الصـراعات المتعلقة بالمصلحة الشخصية وغياب الثقافة القانونية، مما يؤدي إلى حدوث التعدي على الحقوق وضياع العدالة.
ينبغي على القانون والأراد تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات، وتحقيق الحوار والتفاهم والتداخل بين القيم والتعاليم الدينية والقانونية، فالتوافق يساعد في بناء المجتمع القانوني وتحقيق العدالة والحق.
تكون حماية الحق ممكنة في حال اثبات وجود هذا الحق، والجهة التي يمكنها اقتضاء هذه الحقوق هي السلطة القضائية، فالقاضي هو حامي الحقوق جميعها.
تُعتبر الحقوق زائلة ومنقضية في حالات عديدة تختلف باختلاف نوع الحق وخصائصه ومميزاته، فالحقوق العينية أو الأصلية تنقضي لأسباب عديدة كما تنقـضي الحقوق العينية التبعية، والحقوق الشخصية.
المراجع:
عبد السلام، عبد القادر (2021). ملخص محاضرات مادة: نظرية الحق. جامعة باتنة1، الجزائر.
علّال، امال (2020). محاضرات في مقياس نظرية الحق. جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، الجزائر.
سقلاب، فريدة (2023). محاضرات في مقياس المدخل للعلوم القانونية (نظرية الحق). جامعة عبد الرحمن ميرة، بجاية، الجزائر.
بهتي، سعد (2021). مدخل لدراسة نظرية الحق، المحاضرة التاسعة على الرابط: https://2u.pw/WpLAxHV.
فريق القانون (2023). نظرية الحق في القانون وأهم 4 من خصائص الحق، موسوعة ضمير، على الرابط: https://2u.pw/6eSiMkR.
بوغيس، يوسف (2020). مدخل للعلوم القانونية: محاضرات في نظرية الحق، المركز الجامعي نور البشير البيض، الجزائر.
غربي، صورية (2023). دروس (محاضرات): مدخل للعلوم القانونية (نظرية الحق). جامعة بلحاج بوشعيب عين تموشنت، الجزائر.
شيهاني، سمير (2015). دروس في نظرية الحق لطلبة السنة الأولى، جامعة أكلي محند أولحاج البويرة، الجزائر.
كيرة، حسن (1974). المدخل إلى القانون، منشأة المعارف: الاسكندرية، مصر.
سرور، شكري (1990). النظرية العامة للحق، دار النهضة العربية: بيروت، لبنان.
مدكور، محمد (1957). نظرية الحق، دار الفكر العربي: عمان، الأردن.
DABIN, Jean (2008), Le droit subjectif, préface de Christian Atias, Dalloz, Paris, p57.
([1]) عبد السلام، عبد القادر (2021). ملخص محاضرات مادة: نظرية الحق، جامعة باتنة1، الجزائر.
([2]) شيهاني، سمير (2015). دروس في نظرية الحق لطلبة السنة الأولى، جامعة أكلي محند أولحاج البويرة، الجزائر.
([3]) DABIN, Jean (2008), Le droit subjectif, préface de Christian Atias, Dalloz, Paris, p57.
([4]) كيرة، حسن (1974). المدخل إلى القانون، منشأة المعارف: الاسكندرية، مصر.
([5]) سرور، شكري (1990). النظرية العامة للحق، دار النهضة العربية: بيروت، لبنان.
([6]) علّال، امال (2020). محاضرات في مقياس نظرية الحق. جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، الجزائر.
([7]) سرور، شكري (1990). النظرية العامة للحق، دار النهضة العربية: بيروت، لبنان.
([8]) غربي، صورية (2023). دروس (محاضرات): مدخل للعلوم القانونية (نظرية الحق). جامعة بلحاج بوشعيب عين تموشنت، الجزائر.
([9]) شيهاني، سمير (2015). دروس في نظرية الحق لطلبة السنة الأولى، جامعة أكلي محند أولحاج البويرة، الجزائر.
([10]) بهتي، سعد (2021). مدخل لدراسة نظرية الحق، المحاضرة التاسعة على الرابط: https://2u.pw/WpLAxHV.
([11]) مدكور، محمد (1957). نظرية الحق، دار الفكر العربي: عمان، الأردن.
([12]) بهتي، سعد (2021). مدخل لدراسة نظرية الحق، المحاضرة التاسعة على الرابط: https://2u.pw/WpLAxHV.
([13]) بوغيس، يوسف (2020). مدخل للعلوم القانونية: محاضرات في نظرية الحق، المركز الجامعي نور البشير البيض، الجزائر.
([14]) سقلاب، فريدة (2023). محاضرات في مقياس المدخل للعلوم القانونية (نظرية الحق). جامعة عبد الرحمن ميرة-بجاية، الجزائر.
([15]) علّال، امال (2020). محاضرات في مقياس نظرية الحق. جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، الجزائر.
([16]) بوغيس، يوسف (2020). مدخل للعلوم القانونية: محاضرات في نظرية الحق، المركز الجامعي نور البشير البيض، الجزائر.
([17]) فريق القانون (2023). نظرية الحق في القانون وأهم 4 من خصائص الحق، موسوعة ضمير، على الرابط: https://2u.pw/6eSiMkR.
([18]) فريق القانون (2023). نظرية الحق في القانون وأهم 4 من خصائص الحق، موسوعة ضمير، على الرابط: https://2u.pw/6eSiMkR.
([19]) فريق القانون (2023). نظرية الحق في القانون وأهم 4 من خصائص الحق، موسوعة ضمير، على الرابط: https://2u.pw/6eSiMkR.
([20]) فريق القانون (2023). نظرية الحق في القانون وأهم 4 من خصائص الحق، موسوعة ضمير، على الرابط: https://2u.pw/6eSiMkR.
bottom of page