top of page
مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة
محمود عاطف سالم المساعفة    

الجامعة الأردنية

كلية الحقوق

DOI:

الملخص

هدفت الدراسة الى التعرف على التعرف على مفهوم مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة، وتحليل عناصر وأركان مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة، واستخدمت الدراسة المنهج التحليلي من خلال تحليل مفردات الدراسة، والمنهج الوصفي عبر وصف مرتكزات الدراسة، وبعض الظواهر المشابهة لها، وتوصلت الدراسة إلى عدة نتائج أبرزها، أن مسؤولية الدولية عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية مسؤولية دولية مباشرة وتعاقدية، وأن نظرية الخطأ لا تتناسب مع هذه المسؤولية.

الكلمات المفتاحية: مسؤولية الدولة، القنبلة الهيدروجينية، نظرية الخطأ.

Pdf

المقدمة:

     منذ إعلان الرئيس الأمريكي ترومان بإصدار أوامر تتجه نحو البدء في تصنيع القنابل الهيدروجينية كطور جديد من الأسلحة غير التقليدية، وذلك رداً على قيام الاتحاد السوفيتي بالكشف عن امتلاكه لأسطول من القنابل الذرية([1])، وعلى أثره صعدت هذه الإعلانات بالحياة الدولية إلى منحنى تصاعدي، يستوجب التكييف معه عملاً وقانوناً، على اعتبار أن المسؤولية الدولية ما هي إلا قواعد عامة تشكلت تبعاً لأعراف دولية أخذت على عاتقها عملية تجسيد الخسائر التي تكبدتها الدول جراء اللجوء إلى استعمال الأسلحة التقليدية، فإن ما ينبني على احتواء آثار السلاح التقليدي، لا يمكنه معالجة آثار السلاح غير التقليدي، وعليه فإن ما ورد في المسؤولية الدولية من اجبار المعتدي من الدول على اجبار المضـرور بأي صورة من صور التعويض وجبر الضـرر، سواء كان تعويض معنوي أو تعويض عيني([2])، أو تعويض مالي([3])، قـــد لا يستقم شكلاً ومضموناً مع تبعات وآثار استخدام الأسلحة غير التقليدية كالقنابل الهيدروجينية.

مشكلة الدراسة واسئلتها:

      تتمثل مشكلة الدراسة في عدم جدوى صور التعويض والتي قررتها القواعد العامة في المسؤولية الدولية على استيعاب الآثار التدميرية التي قد تخلفها القنابل الهيدروجينية، في حال تم استخدامها عبر إحدى الدول، وذلك في نزاع دولي مسلح، ووفقاً لدراسات وأبحاث أجريت حول القوة التدميرية للقنبلة الهيدروجينية، تبين أنها وصلت إلى قوة تفجيرية بلغت ما يقارب (7) ملايين طن من مادة تي إن تي، متجاوزة بذلك القوة التفجيرية لقنبلة هيروشيما والتي بلغت ما يقارب (20) ألف طن من مادة (تي إن تي)، إلى جانب انتاج القنبلة الهيدروجينية لغبار ذري مشع قاتل من أشعة جاما([4]).

     وتسعى الدراسة جاهداً إلى للإجابة عن تساؤلها الرئيسـي وهو ما مدى جدوى صور التعويض التي قررتها المسؤولية الدولية في جبر الأضرار الواقعة على الدول التي استخدم ضدها هجوم نووي بإلقاء القنبلة الهيدروجينية؟، وقد قادنا هذا التساؤل إلى عدد من الأسئلة المتفرعة عنه:

  • ما هو مفهوم مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة؟

  • ما هي عناصر وأركان مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة؟

  • ما هي آثار مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة؟

أهداف الدراسة:

تبتغي الدراسة تحقيق جملة من الأهداف التالية:

  • التعرف على مفهوم مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

  • تحليل عناصر وأركان مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

  • بيان أهم الآثار المترتبة على اقرار مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

أهمية الدراسة:

تبرز أهمية الدراسة في جانبين:

  • الجانب العلمي، وذلك بإثراء المكتبة القانونية العربية بدراسة تحمل موضوعاً مستحدثاً، وتزويد الباحثين في مجال القانون العام بصورة عامة، ومجال القانون الدولي بصورة خاصة، بدراسة غنية بالمعلومات القانونية التي قد تشكل لهم مرجعاً يسترشدون به في دراساتهم البحثية.

  • الجانب العملي، وذلك بإرشاد أعضاء المجتمع الدولي إلى البحث عن حلول دبلوماسية لتفادي آثار الأسلحة غير التقليدية، وتنبيه الدول من الأخطار المترتبة على تطوير القنبلة الهيدروجينية ، لما لها من قوة تدميرية هائلة.

منهجية الدراسة:

      انتهجت الدراسة المنهج التحليلي من خلال تحليل مفردات الدراسة، والمنهج الوصفي عبر وصف مرتكزات الدراسة، وبعض الظواهر المشابهة لها.

خطة الدراسة:

تبنت الدراسة التقسيم الثنائي الموضوعات وفق الترتيب التالي:

المبحث الأول: ماهية مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

المطلب الأول: مفهوم مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

المطلب الثاني: الأساس القانوني لمسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

المبحث الثاني: أحكام مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

المطلب الأول: أركان مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

المطلب الثاني: آثار مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

الدراسات السابقة:

شرعنا في بحث قضايا ذات صلة بالدراسة، وتوصلنا إلى ما يلي:

قاسم، منى مبروك قدري. (2022). المسؤولية الدولية عن استخدام أسلحة الدمار الشامل. مجلة البحوث القانونية والاقتصادية، ع(55).

     هدفت هذه الدراسة إلى التعرف على المسؤولية الدولية عن استخدام أسلحة الدمار الشامل، بهدف كبح انتشار أسلحة الدمار الشامل، على اختلاف أنواعها، من أسلحة بيولوجية، وكيميائية، ونووية، وبيان درجة تأثيرها على الإنسان، والبيئة، وقد استخدمت الدراسة المنهج الاستقرائي، وتوصلت إلى ضرورة وضع عقوبات على درجة عالية من الجسامة على كل دولة تستخدم أسلحة الدمار الشامل، إضافة إلى تفعيل دور مجلس الأمن وذلك للوقوف على مدى سلامة تطبيق تلك العقوبات.

      وما يميز دراستنا عن الدراسة السابقة، أن جاءت بصورة متخصصة ومعمقة بصورة أكثر دقة، وذلك بالبحث في طور خطير جداً من أطوار أسلحة الدمار الشامل، ويعتبر أكثرها تهديداً للمجتمع الدولي وهي القنبلة الهيدروجينية، إضافة إلى حداثة هذه الدراسة، وتناولها جزئية تحمل آخر تطورات العلم النووي، وربطها بنظرية المسؤولية الدولية، من خلال بيان مفهوم مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة، والأساس القانوني لها، وتحديد أركانها، والآثار القانونية المترتبة عليها.

المبحث الاول: ماهية مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

     ستتناول في هذا المبحث مفهوم مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة، من حيث تعريفها، وأنواعها، ومن ثم سننتقل في المطلب الثاني إلى بحث الأساس القانوني لمسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة فقهاً، وقضاءً، وذلك وفقاً للتقسيم التالي:

المطلب الاول: مفهوم مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

المطلب الثاني: الأساس القانوني لمسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

المطلب الاول: مفهوم مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

      يقتضـي إيضاح مفهوم مسؤولية الدولة عن اقتناء القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة، بيان تعريف هذه المسؤولية، واستعراض الخلاف الفقهي في وضع معيار جامع يشمل حيثيات المسؤولية الدولية، إضافة إلى البحث في أنواع هذه المسؤولية، والتفرقة بين كل منهما، وذلك وفق الترتيب التالي:

الفرع الأول: تعريف مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

الفرع الثاني: أنواع مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

الفرع الاول: تعريف مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

      اختلف فقهاء القانون الدولي في وضع تعريف جامع للمسؤولية الدولية، فلم يستقر أحد منهما على تعريف موحد يشمل جميع مرتكزات المسؤولية الدولية، حيث صاغت كل مدرسة فقهية تعريفاً للمسؤولية الدولية وفقاً للزاوية التي ينظرون منها لهذا المبدأ، فهناك من الفقه من ربطها بمفهوم الجزاء، وعرفها على أنها جزاء قانوني ناتج عن مخالفة أحد أشخاص القانون الدولي لأحكام القانون، أو لأحد الالتزامات المفروضة عليه، وذلك لإلزامه بإصلاح الضرر([5])، وفي سياق آخر الجزاء القانوني المقرر بموجب أحكام القانون الدولي العام، نظراً لعدم احترام أحد أشخاصه لالتزاماته الدولية([6])، وقد اتجه بعض الفقه إلى ربط المسؤولية الدولية بفكرة النظام، وعرفها تبعاً له على أنها ذلك النظام القانوني ينشئ على كل دولة ترتكب فعلاً يعد جرماً وفقاً للقانون الدولي، يهدف إلى جبر الضرر الواقع على الدولة المعتدى عليه([7]).

      وعلى الصعيد الفردي، يقول الدكتور رشاد السيد المقصود بالمسؤولية الدولية في المعنى العام، ما يقتضيه القانون على أشخاصه بتحمل تبعة تقصيرهم عن الالتزام بأحكامه([8])، بينما يرى الدكتور صلاح الدين عامر أن المسؤولية الدولية ما هي إلا مجموعة قواعد قانونية تنحصـر مهمتها في حكم الأعمال المنسوبة لأحد أشخاص القانون الدولي والتي ينجم عنها ضرر لشخص آخر من أشخاص القانون الدولي مما يترتب التعويض على مرتكب الضرر، ومن منطلق الإخلال ربط الدكتور علي صادق أبو هيف مفهوم المسؤولية بذلك الإخلال الصادر عن الدولة في أحد الالتزامات المفروضة عليها([9])، وقد أوردت لجنة القانون الدولي تعريفاً للمسؤولية الدولية على أنها تلك النتيجة المترتبة على أي انتهاك بالتزام دولي([10]).

      ويرى الباحث أن تعريف المسؤولية الدولية على أنها جزاء قانوني ناتج عن مخالفة أحد أشخاص القانون الدولي لأحكام القانون أو لأحد التزاماته المفروضة وذلك لإلزامه بإصلاح الضرر([11])، والقول بأن الغاية من المسؤولية الدولية هي إلزام المخالف بإصلاح الضرر فهذا استدلال تعوزه الدقة؛ حيث إن جبر الضرر في المسؤولية الدولية يتمثل في ثلاث صور وهي التعويض العيني أي إعادة الحال كما كان عليه، وهذا هو إصلاح الضـرر([12])، والتعويض المالي وذلك بدفع مبالغ مالية للمضرور([13])، والتعويض المعنوي أو ما يعرف بالترضية ومن صورها تقديم اعتذار للطرف المضرور إن كان لذلك مقتضـى([14])، وبالتالي، فإن إصلاح الضرر هو أحد الآثار المترتبة على قيام المسؤولية الدولية وليس هو الأثر الوحيد لها، إضافة إلى أن استخدام عبارة (لأحكام القانون) تشمل جميع مصادر القانون الدولي العام والتي ترتب التزامات على شخص القانون الدولي وهي المعاهدات والأعراف الدولية، وعليه فلا أرى جدوى من إيراد عبارة (أو لأحد الالتزامات المفروضة عليه)، والتي تنبثق من المعاهدات الدولية التي تدخل في ما تشتمل عليه عبارة (أحكام القانون).

      وفيما يتعلق بتعريف المسؤولية الدولية على أنها نظام قانوني ينشئ على كل دولة ترتكب فعلاً يعد جرماً وفقاً للقانون الدولي، يهدف إلى جبر الضـرر الواقع على الدولة المعتدى عليها، حيث يتفق الباحث مع عبارة (يهدف إلى جبر الضرر) باعتبار أنه مصطلح عام يشمل جميع صور التعويض كأثر مترتب على المسؤولية الدولية، إلا أننا لا نؤيد إيراد عبارة (ترتكب فعلاً يعد جرماً)، حيث إن المسؤولية الدولية لا يشترط فيها أن تقوم على ارتكاب أحد أشخاص القانون الدولي العام فعلاً يعد جرماً في القانون الدولي، بل إن المسؤولية الدولية تقوم على كل فعل يعد مخالفة لأحكام القانون الدولي سواء كان جرماً أو مجرد مخالفة لا تدخل في نطاق الجرم هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن استخدام عبارة (ينشـئ على كل دولة) يعني أن المسؤولية الدولية مقتصـرة على الدول فقط وهذا تعبير غير دقيق، حيث تقوم المسؤولية الدولية على جميع أشخاص القانون الدولي العام بما فيهم الدول والمنظمات وغيرهم ممن حازوا على الاعتراف الدولي، وبناءا عليه يقترح الباحث للمسؤولية الدولية التعريف التالي: جزاء قانوني ناتج عن مخالفة أحد أشخاص القانون الدولي العام لما يفرضه عليه هذا القانون من أحكام سواء كانت ناشئة عن معاهدات أو أعراف دولية، ويترتب عليه إلزام مرتكب الضرر بجبر المضرور من خلال اتباع صور التعويض المقررة في القانون الدولي العام واختيار أحد منها بحسب مقتضـى الحال، مع إمكانية الجمع بينها إذا استلزم الأمر.

      وبالعودة إلى أحكام المادة (2) من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية نجد أنها رتبت التزاماً على كل دولة غير حائزة للأسلحة النووية بعدم تصنيع أي أسلحة نووية أو أجهزة متفجرات نووية، وعدم التماس المساعدة أو قبولها أو عمليات نقل لهذه الأسلحة، وجاء الحظر هنا مطلقاً ([1])، بخلاف ما جاءت به المادة (1) من ذات الاتفاقية والتي حظرت الأسلحة النووية على الدول المالكة وجاء الحظر هنا جزئياً، وذلك بمنع المساعدة أو النقل أو حفز أي دول غير مالكة للسلاح النووي على تصنيع مثل هذه الأسلحة، إلا أنها لم تتعرض إلى إمكانية سحب ما تملكه الدول من قوت نووي وأجهزة متفجرات نووية([2]).

      ولأن اقتناء القنبلة الهيدروجينية يمثل خرقاً لأحكام معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، فإن الأساس القانوني لتأسيس مسؤولية الدولة والحالة هذه هي الإخلال بأحد الالتزامات المفروضة عليها بموجب معاهدة دولية إن كانت طرفاً فيها، والسؤال الذي ينبغي طرحه هنا؛ ماذا لو لم تكن الدولة طرفاً في هذه المعاهدة؟ ماذا عن تصنيعها طور من القنابل الهيدروجينية؟ كيف يمكن تأسيس مسؤوليتها عن هذا التصنيع كما لو لم تكن طرفاً في معاهدة بداهةً لن تلزم ببنودها؟ وماذا عن استخدامها لتلك القنابل أو التهديد باستخدامها؟

القاعدة العامة تقضـي بنسبية آثار المعاهدات، أي لا يمكن لمعاهدة ترتيب آثار على من لم يكن طرف فيها([3])، وهذا ما جاءت به المادة (34) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات([4])، بينما تنص المادة (35) على إمكانية نشأة التزام على دولة غير طرف في المعاهدة شريطة؛ قبول هذه الدولة صراحة وكتابة لهذا الالتزام.

      ويرى الباحث؛ أن مسألة تكييف مسؤولية الدولة التي لا تعد طرفاً في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية وتطويرها قد لا تجد لها أساسا لا يتناقض والقواعد العامة في المعاهدات، فكما ذكرنا مسبقاً أن القاعدة العامة تقضـي بعدم إلزام أي دولة لم تكن طرفاً في معاهدة بأي بند من بنودها، وفقاً لهذه القاعدة فلا مناص من القول بانعدام مسؤولية الدولة الغير طرف في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية عن تصنيعها قنابل هيدروجينية وربما تطويرها، لأن المسؤولية إن لم ترتكز على قواعد مثبتة لا تتناقض مع أصول ثابتة فإن مصيرها الانهيار، فضلاً عن أن فعل التصنيع بحد ذاته قد لا يتفق المجتمع الدولي على اكتسائه صفة عدم الشـرعية، فقد يكون مقبولاً عند من هم ليسوا طرفاً في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، بينما لا يستساغ عند من هم طرف في هذه المعاهدة، وهذا ما يدعم رأي الباحث في هذه المسألة، حيث إن المسؤولية والحالة هذه لم ترتكز على عناصر كان من المفترض وجودها لتقرير إدانة أي جهة يثار حولها الشك.

  وفيما يتعلق بالحالة الثانية، وهي تأسيس مسؤولية الدولة عن استخدام القنبلة الهيدروجينية في النزاعات المسلحة، فإن الباحث لا يلحظ وجود معيقات تحول دون إتمام ذلك، فحتى لو لم تكن الدولة طرفاً في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، فإن هذا لا يخولها الاعتداء على غيرها من الدول باستخدام أسلحة غير تقليدية، حيث إن تحريم استخدام بعض الأسلحة ذات القوى التدميرية الهائلة بات عرفاً دولياً عرفه القانون الدولي منذ قديم الزمان، ولا يرتبط بمجرد معاهدة دولية([5]).

ويقترح الباحث التعريف التالي لمسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة:

  • مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية: هي المسؤولية الناشئة عن اخلال الدولة الحائزة للأسلحة النووية والتي تعد طرفا في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، بعد تاريخ دخول المعاهدة حيز النفاذ، بحكم المادة (2) من الاتفاقية.

  • مسؤولية الدولة عن استخدام القنبلة الهيدروجينية في النزاعات الدولية المسلحة: هي المسؤولية الناشئة عن خرق الدولة لمبدأ حظر استخدام القوة أو التهديد بها.

الفرع الثاني: أنواع مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

      برز عند الفقه عدة مدارس في تقسيم المسؤولية الدولية، حيث تناول كل منها المسؤولية الدولية بالاعتماد على نظم قانونية داخلية استسقيت منها فكرة تصنيف المسؤولية الدولية، ومن هذه المدارس هي مدرسة القانون الداخلي والتي تبنت التقسيم المعمول به في الأنظمة القانونية الداخلية، وذلك بإدراج المسؤولية تحت نوعين؛ النوع الأول المسؤولية التقصيرية، والنوع الثاني المسؤولية العقدية، وتجدر الإشارة إلى أن هذا التقسيم ليس بالتقسيم الحديث، فقد عرفته العديد من الأنظمة القانونية الداخلية([6]).

      بينما تتبنى المدرسة الثانية نهجاً مستقلاً بها، فتقسم المسؤولية الدولية إلى قسمين؛ القسم الأول مسؤولية دولية مباشرة، ومسؤولية دولية غير مباشرة، ويرى أصحاب هذا الاتجاه ضرورة الفصل بين ما جاءت به النظم الداخلية، وما يجري عليه العمل في المجتمع الدولي، ويقصد بالمسؤولية الدولية المباشرة تلك المسؤولية الناجمة عن فعل يعد إخلالا مباشراً بالتزام مفروض بموجب قواعد القانون الدولي العام، سواء كان مصدر الالتزام معاهدة دولية أم عرفا دوليا، وعلى الصعيد الآخر يقصد بالمسؤولية الدولية غير المباشرة تلك المسؤولية التي تترتب على الدولة جراء مخالفة ارتكبتها دولة أخرى ترتبط بها بموجب معاهدة، أما بوصاية أو حماية أو انتداب أو أي من النظم التي تنزع كمال السيادة للدولة فتجعلها منقوصة السيادة([7]).

      وعلى الرغم من تعدد المدارس الفقهية، يرى عدداً من الفقهاء عدم صحة التقريب ما بين المسؤولية بصورة عامة في الأنظمة الداخلية، والمسؤولية الدولية، فحتى وإن كان مصدرا كلتا المسؤوليتين واحد إلا أنهما قد يختلفان من حيث القواعد الشكلية، والأساس التي تقوم عليه كل مسؤولية، وفي قول آخر ينكر جانب من الفقه فرضية مساءلة الدولة بشقين من المسؤولية، مدنية وجزائية، حيث إن الدولة مسؤولة عن مخالفتها لأفعال حظرها القانون الدولي فقط، وليس لها شأن بما فرضه غيرها من النظم الداخلية، فلو جرم القانون الداخلي مجموعة من الأفعال فإن هذا لا يكفي لتقرير قيام المسؤولية الدولية على الدولة ما لم يتناول القانون الدولي هذه النشاطات ويبحث في تجريمها([8]).

      ويتبقى لدينا بيان النوع الأخير للمسؤولية الدولية وهي المسؤولية الجنائية الدولية، والتي تعد مسؤولية حديثة نوعاً ما، خاصةً بعد تأسيس المحكمة الجنائية الدولية، وتختص هذه المحكمة بملاحقة مرتكبي جرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية، وجريمة الإبادة الجماعية، وجريمة العدوان، حيث لا تلتصق هذه المسؤولية بكيان الدولة ذاتها، بل تعني بملاحقة المتورطين في ارتكاب هذه الجرائم من الأفراد التابعين للدول([9]).

      وفي تقدير الباحث؛ يرى بأن مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية في شأنها تفصيل، ففيما يتعلق بتصنيع الدولة للقنبلة الهيدروجينية هذا مرهون بموقفها من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، فإن كانت طرفاً فيها، وكان تاريخ حيازتها للأسلحة النووية سابقاً على تاريخ دخول المعاهدة حيز النفاذ فلا مسؤولية عليها سند للمادة (1) من اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية([10])، بينما لو  كان تاريخ الحيازة لاحقاً على تاريخ دخول المعاهدة حيز النفاذ، فبحسب مصدرة تلك الحيازة، إن كانت بالتصنيع الذاتي فلا مسؤولية عليها، أما في حال تبين أن مصدر الحيازة بالاقتناء أو بالسيطرة عليها من مصادر خارجية فتتحمل مسؤولية حيازتها للقنبلة الهيدروجينية وتدخل في حكم المادة (2) من ذات الاتفاقية([11])، ومسؤوليتها مسؤولية دولية مباشرة نظراً لإخلالها بأحد الالتزامات المفروضة عليها، وتعاقدية لأنها منبثقة عن معاهدة.

      ومن المفترض أن كل مسؤولية لا بد لها من أركان ثابتة تستقيم عليها، ولا يمكن استخلاص هذه الأركان إلا من خلال شريعة واضحة تبين الأساس القانوني الذي يعتمد عليه في بناء أي مسؤولية، وهذا ما سنتناوله في المطلب الثاني عند الحديث عن الأساس القانوني لمسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

المطلب الثاني: الأساس القانوني لمسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

      تستمد المسؤولية الدولية بكافة صورها من جذور ثابتة وغير قابلة للتعارض مع مبادئ قانونية راسخة، فلكي يكتمل البنيان القانوني لها لا بد من الاستقرار على عناصر محددة تتضمنها هذه المسؤولية، وكغيرها من سائر الأنظمة القانونية الأخرى، مر نظام المسؤولية بمراحل متعددة شملت على تبيان الأساس القانوني الذي تنبثق منه، ففي بدايات ظهور القانون الدولي تبنى الفقه نظرية الخطأ كأساس لقيام مسؤولية الدولة، ومن ثم انتقلوا إلى تبني نظرية العمل غير المشروع، وضل الوضع على ما هو عليه لتشكل هذه النظريات الأساس التقليدي لمسؤولية الدولة، وتماشياً مع التطور العلمي والتكنولوجي تبنى الفقه المعاصر نظرية المخاطر، لتأسس هذه النظرية الأساس الحديث لمسؤولية الدولة، ولقد خصصنا هذا المطلب للحديث عن ذلك وفق التقسيم التالي:

الفرع الأول: الأساس التقليدي لمسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

الفرع الثاني: الأساس الحديث لمسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

الفرع الاول: الأساس التقليدي لمسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

      يتمثل الأساس التقليدي لمسؤولية الدولة في نظريتين؛ الأولى هي نظرية الخطأ، والثانية هي نظرية العمل غير المشروع، وسنتناول كلا منهما بتفصيل وفق النحو التالي:

أولاً: نظرية الخطأ كأساس لمسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

      تعتبر نظرية الخطأ من أبرز النظريات التي فسرت الأساس القانوني لقيام مسؤولية الدولة وفقاً للقانون الدولي، حيث نادى الفقيه (غروسيوس) باعتماد معيار الخطأ كأساس يُعتمد عليه عند البحث في مدى إمكانية مساءلة الدولة عن أعمالها التي تصدر عنه([12])، وتقتضـي هذه النظرية صدور فعل خاطئ من جانب الدولة، فلا يكفي أن يكون الفعل مخالفاً لقاعدة ملزمة من قواعد القانون الدولي العام، بل لا بد من توافر حيثيات الخطأ فيه([13])، فالجماعة لا يمكن مساءلتها عن تصرف صادر عن أحد أفرادها إلا بنسبة الخطأ إليها، ويتخذ هذا الخطأ عدة صور منها؛ الإهمال، وهذا الإخلال  العمدي، وقد يكون بصورة إخلال غير عمدي وفي هذه الحالة لا تقوم مسؤولية الدولة([14])، وقد يتخذ الخطأ الصورة الإيجابية، وذلك بإلحاق الضرر بدولة أخرى أو بإحدى رعاياها، وقد يتخذ الصورة السلبية بواسطة الامتناع عن اتخاذ إجراء أو تم اتخاذه ولكن ليس بالكيفية المعينة لاتخاذه أو بالامتناع عن اتخاذ التدابير اللازمة لإتمام أي عمل([15]).

      أخذت هذه النظرية تدخل حيز الانتشار في إيطاليا، وإيطاليا، وفرنسا، وألمانيا، ودول أمريكا اللاتينية، والبلاد (الأنجلوسكسونية)، وانبثقت من المبدأ القائل بامتزاج شخصية الأمير بشخصية الدولة، بصورة يمكن معها نسبة الخطأ إلى الدولة جائزاً باعتباره منصرفاً إلى الأمير، الذي تمثلت فيه السيادة المطلقة والتمثيل القاصر للدولة([16])، وقد برر الفقيه (غروسيوس) تبنيه لنظرية الخطأ وذلك باستسقائها  نقلاً عن القانون الداخلي، بينما يرى الفقيه (فاتيل) أن نظرية الخطأ ما هي إلا امتداد عملي لمبدأ التضامن الاجتماعي، حيث يعتبر أن تكاتف الأفراد داخل المجتمع بتكوينهم السياسي المتمثل في الدولة، بسبب الخطأ الذي وقع من أحد أفراد هذه الدولة([17]).

      وقد أخذ على نظرية الخطأ جملة انتقادات أبرزها؛ عدم جدوى هذه النظرية، وقلة نفعها في مجال المسؤولية الدولية، فالعبرة عندهم ليس في توافر الخطأ من عدمه، بل في تعيين مضمون الالتزام الذي جرى انتهاكه، إضافة إلى قيامها على مرتكزات غير مبررة، ويعزى هذا إلى نقل فكرتها من القانون الخاص، الذي يختلط فيه فكرة مخالفة القانون بفلسفة الخطأ، إذ لا يمكن أخذ النظرية من القانون الداخلي ونقلها كما هي على مستوى العلاقات الدولية، ويقول الفقيه (شونير) في صدد انتقاده لنظرية الخطأ أن القضاء والعمل الدوليين استقر كل منهما على الأخذ بهذه النظرية كأساس لقيام مسؤولية الدولة وذلك في القرن التاسع عشر، وقد استمدوها من المبادئ العامة في القانون الروماني([18])، أما اليوم فإن المسؤولية الدولية تقوم على الخطأ ولكن الخطأ الثاني ناجم عن خرق الالتزام القانوني([19]).

      وفي تقدير الباحث يرى؛ بأن نظرية الخطأ لا تصلح أساساً ترتكز عليه مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية ولا سيما استخدامها، لأن الخطأ بحق الدولة والحالة هذه يصار إلى سبيل مسدود في إثبات حيثيات هذا الخطأ، فالنشاط النووي يتسم ومنذ زمن بعيد بالتعقيد الذي يحول دون إمكانية الوقوف على النقطة التي وقعت بها الدولة في الخطأ وتتبعها، إضافة إلى تضييق نطاق ملاحقة الدولة، حيث ستتجه كافة جهودها إلى نفي فرضية وقوعها بالخطأ أو تدخله به وفي رأي الباحث هذه ليست بالمهمة الشاقة عليها، نظراً لتمتع الدول المالكة لهذا الطور من الأسلحة كافة سبل التطور العلمي والتكنولوجي، فمن يملك القدرة على تصنيع القنابل الهيدروجينية لن يعجز عن اخفاء ثبوت الخطأ في حقه.

ثانياً: نظرية العمل غير المشروع كأساس لمسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

      عرف معهد القانون الدولي العام الفعل غير المشروع على أنه ذاك السلوك المخالف للالتزامات الدولية، وذلك بتأكيده على مسؤولية الدول عن جميع أفعالها، سواء كانت إيجابية أو سلبية، شريطة تنافيها مع التزاماتها الدولية، ويستوي أن تكون السلطة التي صدر عنها العمل تأسيسية أو قضائية أو تنفيذية، بينما عرف الفقيهين (باستيد) و (بوشارت) الفعل غير المشروع على أنه تقاعس الدولة عن أداء واجباتها الدولية، أو عدم تنفيذها لالتزام تفرضه قواعد القانون الدولي العام([20])، وعلى صعيد الفقه العربي، يقول الفقيه (محمود حافظ غانم) أن المقصود – بالفعل – غير المشروع هو مخالفة الدولة للالتزامات الملقاة على عاتق بموجب أحكام القانون الدولي العام، نتيجة قيامها بعمل أو امتناع عن عمل لا يسمح به القانون الدولي العام، مما يؤدي إلى المساس بالحقوق التي قررها القانون لأشخاصه، ويرى الفقيه (أبو عطية السيد) أن الفعل غير المشروع هو كل فعل من شأنه انتهاك القانون الدولي العام باختلاف مصادره، أو إخلالا بالتزام دولي مقرر عليها، سواء كان هذا الإخلال بصورة إيجابية أو سلبية([21])، ولا تتطلب هذه النظرية البحث في إرادة الدولة وغايتها، بل يكفي ارتكابها مخالفة لأحكام القانون الدولي العام([22]).

       ويمكن إجمال الشروط التي تقتضيها نظرية العمل غير المشروع في شرطين؛ الشرط الأول هو أن يكون الفعل غير المشروع منسوباً إلى الدولة بموجب أحكام القانون الدولي العام، والشرط الثاني هو أن يشكل الفعل والذي يعد إخلالاً بالتزام دولي يقع على عاتق الدولة، أي أن نظرية العمل غير المشروع لها وجهان؛ وجه إيجابي بوجود النشاط بصورتيه الإيجابي أو السلبي، والذي يمكن إسناده للدولة أو المنظمة الدولية بصفتهم شخصا من أشخاص القانون الدولي العام، ووجه موضوعي كون التصرف مخالفاً لالتزام دولي ملقى على عاتق الأشخاص، وهناك من الفقه من قال بوجوب تحقق الضرر وأضافه كشرط ثالث لنظرية العمل غير المشروع، إلا جمهور الفقهاء قد رجحوا كفة عدم اشتراطه، ويكفي بوجه نظرهم القيام بفعل غير مشروع دون وقوع ضرر، وعلى صعيد القضاء الدولي أخذت محكمة العدل الدولية الدائمة عام (1928) في قضية مصنع (شورزو) بين ألمانيا وبولندا، حيث نص القرار على أن التعويض يجب عند انتهاك أي التزام دولي([23]).

     وفي تقدير الباحث وبخصوص مسألة اشتراط وقوع الضرر لإعمال نظرية العمل غير المشروع، يجد أن اشتراط مثل هذا الشرط فيه نوع من التضييق وحصر نطاق مساءلة الدولة عن أعمالها غير المشروعة، إضافة إلى تناقضه مع المبدأ العام الذي تتبعه سائر الأنظمة القانونية، لأن القانون عندما يُسن ينبغي أن يلتزم به جميع المخاطبين به، وعند وقوع مخالفة لأحد أحكامه فإن أولا ما يبحث به رجال القضاء هو السعي نحو إثبات وقوع الفعل، وترجمة الواقعة محل النظر لتتناسب مع النص المخالف، ولا يأبهون في غالب الحالات لمسألة البحث عن وقوع ضرر، إلا في المواد المدنية التي تأخذ من الضرر ركناً أساسياً لقيام المسؤولية المدنية([24])، وفيما عدا ذلك فالمخالفة القانونية لها حجية قاطعة على استحقاق فاعلها للجزاء الذي يحدده النص المُخالف دون اشتراط وقوع الضرر من عدمه.

      ومن وجهة نظر الباحث، يرى أن نظرية العمل غير المشـروع تصلح أساساً لقيام مسؤولية الدولة عن استخدام القنبلة الهيدروجينية في النزاعات المسلحة، ولا فرق في الحكم إن كانت الدولة طرفاً في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية أو لم تكن، فالدولة الطرف تعد منتهكة في حال الاستخدام لنص المادة (1) من معاهدة حظر انتشار الأسلحة([25])، وإن كانت هذه المادة لم تتناول حالة استخدام الدولة للأسلحة النووية التي بحوزتها في نزاع دولي مسلح، إلا أنها قد حظرت على الدول المالكة لهذه الأسلحة التعاون مع الغير في هذا المجال، واستنتاجاً – مـن باب أولى – فإن النص الذي يحرم التعاون في مجال أسلحة معينة يحرم استخدامها للتفاوت في جسامة الضـرر بين الحالتين، أما فيما يتعلق بتصنيع الدولة للقنبلة الهيدروجينية فلا أرى تناسباً في التكييف القانوني ما بين فعل التصنيع، وفلسفة نظرية العمل غير المشـروع، لأن الدول التي كان تاريخ حيازتها سابقا على تاريخ دخول المعاهدة حيز النفاذ لا يحظر عليها التصنيع بل يحظر عليها التعاون مع غيرها بهذا المجال، بينما لو كان تاريخ الحيازة لاحقا على تاريخ دخول المعاهدة حيز النفاذ يأخذ فعل التصنيع الطابع المخالف لأحد الالتزامات المفروضة على الدولة بموجب معاهدة دولية، ويمكن معه إعمال نظرية العمل غير المشـروع والحالة هذه، بينما إن لم تكن الدولة طرفاً في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية فإن فعل التصنيع بالنسبة لها لا يخضع لأي منع عملاً بقاعدة (نسبية آثار المعاهدة)([26]) أما في حالة الاستخدام فلا يباح للدولة الغير طرف استخدام السلاح النووي في نزاع دولي، ويمكن أيضاً إعمال نظرية العمل غير المشروع، لأن مبدأ حظر استخدام القوة  مما جرى عليه عرف العلاقات الدولية والتي تعد ملزمة لجميع الدول([27])، مع التنويه على حرص الدول على حل خلافاتها بصورة سلمية تبنى على المفاوضات بعيداً عن الحروب([28]).

ثالثاً: نظرية المخاطر كأساس لمسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

      ترتكز هذه النظرية من عدة منطلقات، منها قاعدة الغرم بالغنم، ومن يفيد من نشاط فعليه تحمل تبعاته، وتقوم أيضاً على عنصـر الضـرر بشكل رئيسـي، حيث إن الفقه تشجع لنقلها عن القانون الداخلي، نظراً لتزايد الأنشطة ذات الخطورة العالية، ويعد الفقيه (بول فوشيل) أول من ناقش نظرية المخاطر، وذلك في معهد القانون الدولي في سويسـرا عام (1955)، مبرراً موقفه بأن من ينتفع بشـيء عليه تحمل نظير هذا الانتفاع المخاطر التي يتعرض لها هذا الشـيء أو الإنسان محل الانتفاع، وهناك من الفقه من يرى أنها تطبيق لقاعدة (لا ضرر ولا ضرار)([29])، وتبرز أهمية نظرية المخاطر في تشكيلها ضمان عام قِبل الأنشطة المشروعة التي لا مجال لاحتواء آثارها وفق النظريات السابقة([30]).

      وعلى صعيد القضاء الدولي، طبقت نظرية المخاطر في العديد من المناسبات نستعرض منها مناسبتين؛ المناسبة الأولى في قضية مصهر (تريل) حيث تصاعدت أدخنة منبعثة من مصنع يحتوي على مصهر للزنك والرصاص في مدينة (تريل)، مما تسبب في إلحاق ضرر بالمزارعين على الحدود الأمريكية، وأدى بدوره إلى تلوث البيئة، وتم تشكيل محكمة تحكيم عام (1935) التي أصدرت قرارها المتضمن عدم السماح لأي دولة باستخدام إقليمها أو السماح باستخدامه بصورة ضارة ينتج منها صعود أبخرة إلى إقليم دولة أخرى أو ممتلكات أو أشخاص تلك الدولة، شريطة أن تكون المسألة ذات نتائج خطرة بحيث يمكن إثبات الضـرر بأدلة واضحة ومقنعة([31])، والمناسبة الثانية في قضية ما بين أستراليا وفرنسا، حيث أجرت الحكومة الفرنسية تجارب جوية للأسلحة النووية في المحيط الهادي، مما تسبب في ترسب الغبار الذري المشع المتساقط في الإقليم الاسترالي، وحكمت محكمة العدل الدولية في قرارها بإلزام الحكومة الفرنسية بتجنب القيام بالتجارب النووية التي تسببت في تساقط الغبار الذري على الإقليم الاسترالي([32]).

      وفي تقدير الباحث، يجد أن نظرية المخاطر قد تتناسب مع تأسيس مسؤولية على الدولة وذلك عن حيازتها للقنبلة الهيدروجينية حال ما ينجم عن هذه الحيازة إلحاق ضرر بالدول الأخرى أو رعاياها، وهذا رهن لتحقق حالتين؛ الحالة الأولى كون الدولة الحائزة طرفاً في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وكان تاريخ حيازتها سابق على تاريخ دخول المعاهدة حيز النفاذ، وتبين أن مصدر هذه الحيازة بالتصنيع الذاتي، والحالة الثانية اعتبار الدولة من قبيل الغير طرف في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، لأن حيازتها والحال هنا يفسـر على أساس قاعدة (نسبية آثار المعاهدة)، أما الدولة التي تعد طرفاً في المعاهدة، وكان تاريخ حيازتها لاحق على تاريخ دخول المعاهدة حيز النفاذ، فلا يتناسب فعل الحيازة مع حيثيات نظرية المخاطر حتى لو ألحقت ضرراً بالغير، حيث ترنو من كونها تمارس عملاً غير مشروعاً ومخلاً بأحد الالتزامات المفروضة عليها بمقتضـى المعاهدة، وبصرف النظر عن مصدر هذه الحيازة.

المبحث الثاني: أحكام مسؤولية الدولة عن اقتناء القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

      بعد بيان مفهوم وأساس مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة وذلك في المبحث الأول، نبحث في أحكام هذه المسؤولية من خلال بيان أركانها التي تستند عليها، وآثارها المترتبة على قيامها، وفق النحو التالي:

المطلب الأول: أركان مسؤولية الدولة عن اقتناء القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

المطلب الثاني: آثار مسؤولية الدولة عن اقتناء القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

المطلب الأول: أركان مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

      تستند مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة على ثلاثة أركان رئيسية وهي؛ الفعل وهو الإخلال بالتزام دولي، والضرر، ونسبة الفعل إلى الدولة أو ما يعرف بعلاقة السببية، وسنتناول كل منها وفق النهج الآتي:

الفرع الأول: فعل الإخلال بالتزام دولي، والضرر الناجم عنه.

الفرع الثاني: نسبة الفعل إلى الدولة.

الفرع الأول: فهل الإخلال بالتزام دولي، والضرر الناجم عنه

أولاً: فعل الإخلال بالتزام دولي

      يقتضـي هذا الفعل انتهاك الدولة لقاعدة من قواعد القانون الدولي العام، والتي تجعل الفعل غير مشـروعاً، ولهذا الإخلال عدة مظاهر منها؛ مخالفة التزامات تعاقدية في المعاهدات التي صادقت عليها، وعدم الالتزام بالقواعد العرفية الخاصة والعامة([33])، وعدم مراعاة المبادئ العامة للقانون المعترف به من جانب الأمم، وقد يأخذ الفعل صورة الخطأ، ولهذا الخطأ ركنين؛ الركن المادي والمتمثل بتعدي الدولة بواسطة موظفيها في تصـرفاتهم، حيث يحجم الشخص عن القيام بفعل كان ينتظر منه القيام به، بمعنى قيامه بعمل ممنوع ويعتمد بهذا الإضرار بالغير عمداً أو خطأ، والركن المعنوي والذي يتمثل بالتعمد أو الإدراك، أي أنه يدرك بأن فعله ضار، ويستوي أن يكون ذلك كنتيجة لإهماله أو تعمده في ذلك، وقد يصعب إثبات هذا الركن بمواجهة الدولة أو الأشخاص المعنوية التابعة لها، ولذلك يقترن هذا الركن بالشخص الموكل إليه القيام بالفعل باسم الدولة أو أحد أجهزتها أو لصالحها، وبالتالي، تتحمل الدولة مسؤولية نتيجة فعل قام به أحد موظفيها([34]).

ثانياً: الضرر

      ينقسم الضرر إلى نوعين؛ الضرر المادي، والضرر المعنوي، ويقصد بالضرر المادي ذلك المساس بحق من حقوق الشخص القانوني الدولي، ويؤدي إلى أثر ملموس وظاهر للعيان، مما ينتج عنه تشكيل خسارة تصيب ذمته المالية، بينما يقصد بالضرر المعنوي هو كل فعل من شأنه المساس بسمعة واعتبار شخص قانوني دولي، وقد يكون الضـرر المعنوي أبدى من الضرر المادي عند بعض الدول([35]).

ثالثاً: نسبة الفعل إلى الدولة([36])

      لكي تكتمل مسؤولية الدولة ينبغي أن ينسب الفعل غير المشـروع لها، وهذا يستلزم تمتع هذه الدولة بالسيادة، فلا ينسب الإخلال إلى دولة ذات سيادة ناقصة، بل ينسب الفعل إلى الدولة التي فرضت النظام الذي جعل السيادة تبدو ناقصة، مثل الانتداب، والحماية، والوصاية ، وتسأل الدولة أيضاً عن أعمال سلطاتها الثلاث؛ التشـريعية، والقضائية، والتنفيذية، وتسأل في بعض الأحيان أعمال أفرادها العاديين، أو الموظفين الرسميين.

      ومن حيث مسؤولية الدولة عن أعمال سلطتها التشـريعية، فإنها تثبت في حالة إصدار قانون مخالف لتعهدات دولية، أو تعديل الدستور بإضافة نصوص تتعارض وقواعد القانون الدولي العام، أو من خلال الامتناع عن إصدار قانون كان عليها إصداره بمقتضـى تعهدات دولية([37])، ومن حيث مسؤولية الدولة عن أعمال سلطتها القضائية، فإنها تثبت في عدد من الحالات منها؛ إصدار حكم مخالف لالتزامات دولية، أو إهمال المحكمة تطبيق القانون الدولي أو طبقته بصورة خاطئة، أو الحالة التي تسمى إنكار العدالة، والتي تتمثل في منع الأجانب من اللجوء إلى القضاء أو منعهم من الدفاع عن حقوقهم، ووجود نقص جوهري في إجراءات التقاضي أو ضماناته، واتسام الحكم الذي أصدرته المحكمة بالظلم الفاحش، وتصـرفات توزيع العدالة، بالرغم من عدم صدورها عن الدولة مثل إنزال العقوبة بالأجنبي دون محاكمة([38]).

ومن حيث مسؤولية الدولة عن أعمال سلطتها التنفيذية، فإنها تثبت حال صدورها من أجهزة تابعة للدولة، وبصرف النظر عن السلطة التي أصدرتها، صدرت عن كبار موظفي الدولة أو أفراد القوات المسلحة، ويستوي أن تصدر عن الموظف في حدود اختصاصه أو بالتعدي على هذه الحدود، حيث يرى جمهور الفقهاء أن الدولة مسؤولة عن حسن اختيار موظفيها، وعليها عبئ إساءة اختيارها([39]).

      وبالإسقاط حكماً، نجد أن الركن الأول وهو فعل الإخلال بالتزام دولي  في مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة يحتاج إلى التفصيل التالي:

  • فيما يتعلق باقتناء الدولة للقنبلة الهيدروجينية، إذا كانت هذه الدولة طرفاً في معاهدة حظر انتشار الأسلحة، فإن أي فعل يشكل حيازة للقنبلة الهيدروجينية أو ما يتعلق بها لاحق على تاريخ دخول المعاهدة حيز النفاذ يعد اخلالاً بالتزام مفروض عليها بحدود المادة الأولى من معاهدة حظر انتشار الأسلحة، بينما لو تبين أن الحيازة سابقة في تاريخها على دخول المعاهدة حيز النفاذ، فلا يكتمل البنيان القانوني لركن الإخلال، وبالتالي لا تقوم مسؤولية الدولة، وإذا لم تكن الدولة طرفاً في المعاهدة، فلا يمكن إلزامها ببنودها، ويصار إلى إعمال قاعدة (نسبية آثار المعاهدة) بحدود المادة (34) من اتفاقية فيينا([40])، وبالتالي لا مسؤولية على الدولة، لعدم ثبوت الإخلال  بالتزام دولي.

  • فيما يتعلق باستخدام الدولة للقنبلة الهيدروجينية في النزاعات الدولية المسلحة، فإن كانت الدول طرفاً في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، فإن فعل الاستخدام يعد انتهاكاً لأحكام المادة الأولى إن كان تاريخ الحيازة سابق على دخول المعاهدة حيز النفاذ، وللمادة الثانية إن كان تاريخ الحيازة لاحق على دخول المعاهدة حيز النفاذ، وهذه التفرقة غير ذا جـدوى من حيث النتيجة، بل تنحصـر فائدتها في صحة التكييف القانوني، وفي هذه الحالة يصار إلى إعمال الاستنتاج من باب أولى، فلو لم تنص الاتفاقية على حكم استخدام السلاح النووي أو ما ينحدر من أنواعه، فإن ذلك لا يعني الإباحة، حيث إن النصوص التي تحرم مجرد المساعدة الفنية في المجال النووي، فكيف بمن يستخدم هذا المجال في نزاعاته المسلحة، واستنتاجاً من باب أولى فإن استخدام القنبلة الهيدروجينية غير جائز، لجميع الدول سواء كانت طرف أو غير طرف في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.

      وفيما يخص الركن الثاني وهو الضـرر، فإن في فعل الاستخدام وجود حتمي للضـرر، ولا يلتمس الباحث شكاً في ذلك، بينما فعل الحيازة، فليس هناك من ضرر مؤكد قد يصيب الغير، فعلى من تضرر من حيازة الدولة عليه عبئ إثبات ذلك، إعمالاً لقاعدة (البينة على من ادعى)، على الرغم من صعوبة الاثبات لما لهذا المجال من حيثيات معقدة، إلا أن الدولة لا تعامل كالفرد، نظراً لفرق الإمكانيات بينهما، ولا يجد الباحث بيئة خصبة لتطبيق فلسفة الخطأ المفترض والحالة هذه، لأن هذا من شأنه تهديد استقرار العلاقات بين الدول، فليس كل فعل حيازة تدعي دولة بتضـررها منه يفرض علينا تصديقه والجزم به، بل ينبغي أن تسعى في إثبات ما لحقها من ضرر.

      وبتطبيق الركن الثالث وهو نسبة الفعل إلى الدولة، أرى أن التصـرف بشأن القنبلة الهيدروجينية  يدخل في نطاق اختصاص وزارة الدفاع في الدولة أو من يقوم مقامها في الدول التي لا يوجد بها هذا النوع من الوزارات، لأنها هي المسؤولة عن إدارة شؤون الدفاع عن الدولة، وتلتحق بها غالبية فروع الجيش([41]).

المطلب الثاني: آثار مسؤولية الدولة عن اقتناء القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

      يترتب على ثبوت مسؤولية الدولة عن اقتناء القنبلة الهيدروجينية عندما يكون الاقتناء غير مشـروعاً، وعن استخدامها في النزاعات الدولية المسلحة عدة آثار تتمثل بالتعويض المادي أو التعويض المعنوي، أو النوعين معاً، وسنتناول كل منهما وفق الترتيب التالي:

الفرع الأول: التعويض المادي كأثر لمسؤولية الدولة عن اقتناء القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

الفرع الثاني: التعويض المعنوي كأثر لمسؤولية الدولة عن اقتناء القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

الفرع الأول: التعويض المادي كأثر لمسؤولية الدولة عن اقتناء القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

      ينحصـر التعويض المادي في صورتين؛ الصورة الأولى التعويض العيني أو إعادة الحال إلى ما كان عليه، والتعويض المالي، على النحو التالي:

أولاً: التعويض العيني

      يقصد بالتعويض العيني إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل اقتراف العمل غير المشـروع، وتعد أقرب الوسائل للتعويض الكامل، وقد أقرته محكمة العدل الدولية الدائمة في قضية (شورزو)، حيث بينت المحكمة إن أولى الوسائل التي يجب اللجوء إليها في حالة مخالفة أحد الأطراف لالتزاماته الدولية المنصوص عليها في المعاهدة هو إعادة الحال إلى ما كانت عليه، وقد أطلق عليه تسمية التعويض الطبيعي([42]).

ثانياً: التعويض المالي

      يتم اللجوء إلى التعويض المالي عندما لا يكون التعويض العيني ممكناً، أو عندما لا يشكل مقابلاً كافياً، وفي هذه الحالة يتم استبدال التعويض العيني أو استكماله، وهذا ما حكمت به المحكمة الدائمة للعدل الدولي، حيث حكمت بمسؤولية الدولة عن الأضرار بدفع مبلغ معين من المال لتعويض الأضرار التي لحقت بالدولة المدّعية، ولا يمكن الحديث عن التعويض المالي إلا إذا كانت قيمة الضـرر يمكن تقديرها بالمال، وما دون ذلك فالمبلغ يأخذ حكم الترضية، ويتم تحديد المبلغ بالاتفاق أو بالتحكيم والقضاء الدولي، وقد يتم الاتفاق على دفع التعويضات نقداً أو على أقساط سنوية، أو يتم تسويتها بطريقة بين مستحقات كل ما على الطرفين للآخر([43]).

الفرع الثاني: التعويض المعنوي كأثر لمسؤولية الدولة عن اقتناء القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة.

       يتمثل التعويض المعنوي في ما يعرف بالترضية، والتي يقصد بها إعادة الحال إلى ما كانت أو إصلاح الضرر بالحقوق غير المالية، وتحتوي الترضية على عدة أساليب منها؛ التعبير عن الأسف والاعتذار الرسمي بالطرق الدبلوماسية، وإقرار الدولة بعدم مشـروعية سلوكها أو تقديم تأكيدات أو ضمانات بعدم تكرار هذا السلوك، ويشترط في الترضية عدم المساس في كرامة الدولة، مع ضمان عدم التعسف فيه، وتجد الإشارة بالذكر إنه من الممكن مبادلة الترضية بتعويض مالي شريطة ألا تخرج هذه المبادلة عن طبيعة الترضية، وتشمل الترضية أيضاً التعويض الرمزي الذي لا يتناسب مع حجم الضـ­رر([44])، وقد تم تطبيق الترضية على الصعيد العملي، حيث استقر العرف الدولي على عدة أشكال للترضية منها؛ الاعتذار، وإعلان عدم مشـروعية الفعل الضار، وتقديم مبلغ من المال، وقد تتم بصورة واحدة أو بها جميعاً، ومن ذلك ما حُكمت به الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تم إلزامها بدفع مبلغ (25000) دولار، وإعلان عدم مشـروعية الفعل، والاعتذار عن الفعل، إضافة إلى التعويض المالي لصالح قبطان المركبة وأعضاء طاقمها، جراء قيام خفر السواحل الأمريكي بمطاردتها وإغراقها، حيث تتبع هذه السفينة إلى بريطانيا لكنها مسجلة لدى كندا([45]).

      ويرى الباحث أن عملية تطبيق وسائل التعويض؛ المادي، والمعنوي، على الأضرار التي خلفتها اقتناء واستخدام القنبلة الهيدروجينية يحتاج إلى انعام النظر، وتتبع التفصيل التالي:

  • فيما يتعلق بتصنيع القنبلة الهيدروجينية، فإذا كانت الدولة طرفاً في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وكان تاريخ حيازتها سابقاً على دخول المعاهدة حيز النفاذ، فلا مسؤولية عليها في هذه الحالة، وكذلك لو لم تكن الدولة طرفاً في المعاهدة، ما لم ينتج عن هذه الحيازة أي أضرار، فلو نتج عن ذلك ضرر تسأل عنه الدولة، ويصار إلى إعمال نظرية المخاطر، أما إذا كان تاريخ الحيازة لاحقاً على دخول المعاهدة حيز النفاذ، تسأل الدولة حتى لو لم ينتج عن ذلك ضرر، ويصار إلى إعمال نظرية العمل غير المشروع.

  • فيما يتعلق باستخدام القنبلة الهيدروجينية، فلا مناص من قيام مسؤولية الدولة عن هذا الفعل، ويستوي أن تكون طرفاً في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية أو لم تكن كذلك، ولا عبرة بتاريخ الاستخدام سواء كان سابقاً أو لاحقاً على دخول المعاهدة حيز النفاذ، ويصار إلى إعمال العرف الدولي الذي تبنى مبدأ (حظر استخدام القوة والتهديد بها).

  • ومن حيث مدى جدوى وسائل التعويض المقررة في القانون الدولي، فلو كان التدمير جزئياً، أي أنه استهدف بعض المناطق في الدولة، يتم تقدير الخسائر، واختيار التعويض المناسب لها ما بين التعويض المادي أو المعنوي أو الجمع بينهما، بينما لو امتد نطاق التدمير ليشمل المساحة الجغرافية لدولة بأكملها، فلا يمكن استخدام أي من وسائل التعويض السابقة، وتعد إشكالية حقيقية في القانون الدولي، وتحتاج إلى تبصـر ووعي من الدول، ويقترح الباحث مجموعة من الحلول التي من الممكن أن تتعامل مع هذه الإشكالية وفق النحو التالي:

  • وجوب اجتماع الدول، وانشاء معاهدة تحتمل تنظيماً قانونياً لمسؤولية الدول عن استخدام الأسلحة غير التقليدية، بكافة أنواعها، من تلك التي برزت مع التقدم العلمي والتكنولوجي، وتمتاز بخواص تدميرية عالية.

  • سحب الممتلكات النووية من الدولة، وبالقوة إن لزم الأمر، حيث يرى الباحث أن حالة استخدام الدولة للقنبلة الهيدروجينية يعد خطراً جسيماً ينذر بتفعيل مبدأ الضـرورة العسكرية والتي يقصد بها وقوع حالة استثنائية يتعذر التعامل معها بالوسائل العادية، فلا يمكن تداركها إلا باستخدام الوسائل العسكرية، ما لم تلحق هذه الوسائل أضراراً بالأعيان المدنية، وأن تكون هذه الوسائل مشروعة([46]).

  • وبالاعتماد أيضاً على مبدأ الضرورة العسكرية، على الدول إجبار الدولة المعتدية بإعمار الجزء المدمر، ومحاولة العمل على إعادة الحال إلى ما كانت عليه، وإذا امتد نطاق التدمير ليشمل دولة بأكملها، على الدولة المعتدية إعادة إعمار الدولة المدمرة، وتأسيس نظام سياسي مشابه للنظام المدمر، ومن حيث الشعوب التي تقنط في هذه الدولة، فعلى الدولة المعتدية فسح المجال لهم بالعيش داخل أراضيها إلى أن تستكمل إعادة الحياة إلى دولتهم، مع اطلاعهم على مراحل تطور البناء في دولتهم، وتخييرهم إن كانوا يرغبون بالعودة أو البقاء، على أن يتم قبول اللجوء منهم في أي وقت، مع ضمان تقديم الرعاية الصحية لهم، وتعويض أسر ممن فارقوا الحياة منهم.

الخاتمة

      تثير القنبلة الهيدروجينية العديد من الاشكاليات، منها خواصها التدميرية المرتفعة، والتي قد تصعب المهمة بوجه الأحكام العامة في المسؤولية، وسائل وطرق التعويض التي قد لا تدر نفعا في التعامل مع اثار استخدام هذا النوع من الأسلحة، وتعقيد مسألة احتواء الآثار التدميرية لها، اضافة إلى تباين الأحكام التي فرضتها معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في فرض الالتزامات على الدول، وذلك بالتمييز بين الالتزامات المفروضة على الدول الحائزة للأسلحة النووية، والالتزامات المفروضة على الدول غير الحائزة للأسلحة، مما دفعنا ذلك إلى تبني النتائج والتوصيات التالية:

النتائج:

  1. مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية: هي المسؤولية الناشئة عن اخلال الدولة الحائزة للأسلحة النووية والتي تعد طرفا في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، بعد تاريخ دخول المعاهدة حيز النفاذ، بحكم المادة (2) من الاتفاقية، مسؤولية الدولة عن استخدام القنبلة الهيدروجينية في النزاعات الدولية المسلحة: هي المسؤولية الناشئة عن خرق الدولة لمبدأ حظر استخدام القوة أو التهديد بها، وتعتبر هذه المسؤولية من نوع المسؤولية الدولية المباشرة والتعاقدية.

  2. لا تتناسب نظرية الخطأ مع مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة، بينما تتناسب نظرية العمل غير المشـروع، ونظرية المخاطر بصورة جزئية مع هذه المسؤولية.

  3. أركان مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية هي فعل الإخلال بالتزام دولي، سواء بالتزامات المعاهدة أو مبدأ حظر استخدام القوة أو التهديد بها، والضـرر، ونسبة الفعل إلى الدولة، من خلال إسناد الإخلال الى وزارة الدفاع في الدولة أو من يقوم مقامها.

  4. آثار مسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة، هي استحقاق الدولة المضرورة بنيل التعويض المناسب، بكافة صوره التعويض المادي بقسميه العيني، والمالي، والتعويض المعنوي أو الترضية.

التوصيات:

  1. نوصي بهجر نظرية الخطأ في تحديد الأساس القانوني لمسؤولية الدولة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية واستخدامها في النزاعات الدولية المسلحة، وإعمال نظرية العمل غير المشـروع في تحديد أساس مسؤولية الدولة عن فعل التصنيع عندما لا تكون حائزة للأسلحة النووية، وعضو في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وإعمال نظرية المخاطر في تحديد أساس مسؤولية الدولة العضو في المعاهدة عن فعل التصنيع، عندما تكون الدولة حائزة للأسلحة النووية قبل تاريخ دخول المعاهدة حيز النفاذ، وفي تحديد أساس مسؤولية الدولة غير العضو في المعاهدة عن تصنيع القنبلة الهيدروجينية، شريطة إثبات تضـرر الدولة التي ادعت تضررها من فعل التصنيع.

  2. نوصي بتبني مبدأ حظر استخدام القوة أو التهديد بها كأساس لتحديد مسؤولية الدولة عن استخدام القنبلة الهيدروجينية في النزاعات الدولية المسلحة.

  3. نوصي بوجوب اجتماع الدول، وانشاء معاهدة تحتمل تنظيماً قانونياً لمسؤولية الدول عن استخدام الأسلحة غير التقليدية، بكافة أنواعها.

       نوصي باعتماد مبدأ الضرورة العسكرية لسحب الممتلكات النووية من الدولة، وإجبار الدولة المعتدية بإعمار الجزء المدمر، ومحاولة العمل على إعادة الحال إلى ما كانت عليه، وإذا امتد نطاق التدمير ليشمل دولة بأكملها، على الدولة المعتدية إعادة إعمار الدولة المدمرة، وتأسيس نظام سياسي مشابه للنظام المدمر، ومن حيث الشعوب التي تقنط في هذه الدولة، فعلى الدولة المعتدية فسح المجال لهم بالعيش داخل أراضيها إلى أن تستكمل إعادة الحياة إلى دولتهم، مع اطلاعهم على مراحل تطور البناء في دولتهم، وتخييرهم إن كانوا يرغبون بالعودة أو البقاء، على أن يتم قبول اللجوء منهم في أي وقت، مع ضمان تقديم الرعاية الصحية لهم، وتعويض أسر ممن فارقوا الحياة منهم.

المراجع:

  1. طوقان، قدري حافظ. (1953). القنبلة الهيدروجينية. مجلة الآداب، س(1)،ع(3)،ص(25) .

  2. العطية، عصام. (1992). القانون الدولي العام. ط(4)، دون ذكر دار نشـر، بغداد، ص(394).

  3. المرجع ذاته، ص(395).

  4. سيراكوسا، جوزيف إم، (2014.الأسلحة النووية مقدمة قصيرة جداً (ترجمة محمد فتحي خضـر). مؤسسة هنداوي(تاريخ النشـر الأصلي 2008)، دون ذكر رقم طبعة، القاهرة ، ص(17).

  5. شنيني، حيدر قاسم فتيني. (2019). المسؤولية الدولية مفهومها وطبيعتها: دراسة قانونية. مجلة العدل،س(1)، ع(55)، ص(139).

  6. (6) المرجع ذاته، ص(140).

  7. بدر الدين، مرغني حيزوم. (2016). مسؤولية المنظمات الدولية في القانون الدولي المعاصر. مجلة البحوث والدراسات، ع(22)، ص(155).

  8. السيد، رشاد عارف. (2011). القانون الدولي العام في ثوبه الجديد. دار وائل للنشـر والتوزيع، ط(2)، عمان ، ص(276).

  9. الغندور، عبد الرحمن مازن رشاد. (2022). المسؤولية الدولية للدول الداعمة للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين: دراسة مقارنة في القانون الدولي والفقه. رسالة ماجستير، كلية الشريعة والقانون، الجامعة الإسلامية (غزة)، غزة – فلسطين، ص(10).

  10. بني عامر، حنين بلال ابراهيم. (2020). المسؤولية الدولية المترتبة على التصديق الناقص للمعاهدات في التشريع الأردني والمواثيق الدولية. رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، عمان - الاردن، ص(46).

  11. شنيني، حيدر قاسم فتيني، المرجع السابق، ص(139).

  12. العطية، عصام، المرجع السابق، ص(394).

  13. المرجع ذاته، ص(395).

  14. المرجع ذاته، ص(396).

  15. المادة (2) من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، عام(1968). المنشورة على الرابط: http://hrlibrary.umn.edu/arabic/TNPNW.html

  16. المادة (1) من ذات الاتفاقية.

  17. ضوي، علي. (2019). القانون الدولي العام الجزء الأول: المصادر والأشخاص. دون ذكر دار نشر، ط(6)،  بنغازي، ص(71).

  18. المادة (34) من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، عام(1969). المنشورة على الرابط: http://hrlibrary.umn.edu/arabic/viennaLawTreatyCONV.html

  19. أحمد، أبكر علي عبد المجيد. (2023). المسؤولية الدولية عن الإخلال بمبدأ حظر استخدام القوة أو التهديد بها ومدى تأثيرها على العلاقات الدولية المعاصرة: دراسة تحليلية وصفية للمسؤولية عن انتهاكات المبدأ في العدوان الروسي على أوكرانيا. مجلة العلوم الإقتصادية والإدارية والقانونية، مج(7)، ملحق، ص(43).

  20. الطراونة، مخلد ارخيص. الوسيط في القانون الدولي العام. دار وائل للنشـر والتوزيع، دون ذكر رقم طبعة، عمان – الأردن، ص(591).

  21. المرجع ذاته، الصفحة ذاتها.

  22. البيلي، انتصار عبد الرحمن حمد. (2019). "المسؤولية الدولية في القانون الدولي والاتفاقيات الدولية". رسالة ماجستير، كلية الشريعة والقانون، جامعة أم درمان الإسلامية، أم درمان - السودان، ص(29).

  23. الطراونة، مخلد ارخيص. المرجع السابق، ص(592).

  24. اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية. المرجع السابق.

  25. الاتفاقية ذاتها.

  26. روسو، شارل. (1987). القانون الدولي العام. (ترجمة شكر الله خليفة وعبد المحسن سعد). الأهلية للنشر والتوزيع، دون ذكر رقم طبعة، بيروت، ص(159).

  27. محمد، محمد نصـر. (2012). الوسيط في القانون الدولي العام. مكتبة الملك فهد الوطنية، ط(1)، الرياض، ص(387).

  28. معلم، يوسف. (2009). تطور مفهوم المسؤولية بدون ضرر. مجلة العلوم الإنسانية، ع(31)، ص(258).

  29. بارافي، جمال. (2021). التأصيل الفقهي لقواعد المسؤولية الدولية عن أضرار البيئة: دراسة في ضوء الشريعة الإسلامية والقانون الدولي. مجلة كلية القانون الكويتية العالمية،مج(10)،ملحق، ص(412).

  30. أحفيظ، حسان. (2020). المسؤولية الدولية لانتهاكات حقوق الإنسان. رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خيضـر بسكرة، بسكـرة - الجزائر، ص(10).

  31. بارافي، جمال. المرجع السابق، ص(412).

  32. أحفيظ، حسان. المرجع السابق، ص(10).

  33. المرجع ذاته، ص(11).

  34. سراغني، بوزيد. (2024). نظرية العمل الدولي غير المشروع كأساس للمسؤولية الدولية للدول. مجلة أبحاث قانونية وسياسية، مج(9)، ع(1)، ص(629).

  35. المرجع ذاته، ص(630).

  36. عثمان، عبد المجيد علي أحمد. (2020). قواعد المسؤولية الدولية (نظيراتها. شروطها. آثارها الدولية). مجلة القرطاس، ع(11)، ص(62).

  37. علي، غسان علي و عثمان، ميلاد أديب، (2022). تطور نظرية المسؤولية. مجلة جامعة تشرين. العلوم الاقتصادية والقانونية، مج(44)، ع(4)، ص(486).

  38. الجربي، سامي. (2011). شروط المسؤولية المدنية في القانون التونسـي والمقارن. مطبعة التسفير الفنيي، ط(1)، صفاقسي، ص(434).

  39. معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، المرجع السابق، المادة (2).

  40. اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، المرجع السابق، المادة رقم (34).

  41. عبد القادر، مرزق. (2021). مبدأ حظر استخدام القوة في القانون الدولي المعاصر. مجلة الحقوق والعلوم السياسية، مج(14)، ع(3)، ص(742).

  42. المرجع ذاته، ص(734).

  43. السيد، هيبت فتوح محمد. (2024). الأساس القانوني للمسؤولية الدولية الناشئة عن استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القانون الدولي العام. مجلة جامعة الزيتونة الأردنية للدراسات القانونية، إصدار خاص، ص(63).

  44. المرجع ذاته، ص(64).

  45. المؤذن، هديل علي محمد والمالكي، هادي نعيم. (2021). نظرية المخاطر كأساس للمسؤولية الدولية عن أعمال مجلس الأمن المشـروعة دولياً والمتسمة بخطورة استثنائية. مجلة العلوم القانونية، مج(36)، ص(113).

  46. المرجع ذاته، ص(114).

  47. بوبكر، عبدلي. (2017). المسؤولية الدولية عن الأعمال غير المشروعة في المجال البيئي. رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم الساسية ، جامعة د. الطاهر مولاي سعيدة، سعيدة - الجزائر، ص(41).

  48. المرجع ذاته، ص(42).

  49. ابراهيم، يزن وعلي، غسان. (2023). مسؤولية المنظمات الدولية في القانون الدولي. مجلة جامعة البعث، مج(45)،ع(8) ، ص(98).

  50. ميدون، علي عمر وحسني، أحمد بن محمد. (2013). أساس المسؤولية الدولية عن الفعل غير المشروع وأركانها في القانون الدولي. المجلة الدولية للدراسات الآسيوية، مج(5)،ع(1)، ص(83).

  51. المرجع ذاته، ص(84).

  52. المرجع ذاته، ص(85).

  53. المرجع ذاته، ص(86).

  54. اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، المرجع السابق، المادة (34).

  55. ويكيبيديا. (2025) .وزارة الدفاع. المنشور على الرابط: https://2u.pw/ThDGo

  56. ياكر، الطاهر. (2021). المسؤولية الدولية عن انتهاك أحكام القانون الدولي الإنساني وتطبيقاتها. مجلة صوت القانون، مج(8)،ع(1) ، ص(99).

  57. العبدالله، محسن عبدالله. (2019). المسؤولية الدولية عن الأضرار الناتجة عن استخدام الطاقة النووية في وقت السلم. رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة قطر، قطر – الدوحة،  ص(87).

  58. عبدالله، أسماء عامر. (2022). التعويض في إطار القانون الدولي العام. مجلة الجامعة، ع(53)، ج(2)، ص(608).

  59. محمود، عبد الغني عبد الحميد. (2002). صور التعويض عن الضـرر في القانون الدولي العام. مجلة كلية الشريعة والقانون بأسيوط، ع(14)، ج(2)، ص(894).

قائمة المراجع:

  • طوقان، قدري حافظ. (1953). القنبلة الهيدروجينية. مجلة الآداب، س(1)،ع(3).

  • العطية، عصام. (1992). القانون الدولي العام. ط(4)، دون ذكر دار نشر، بغداد.

  • سيراكوسا، جوزيف إم، (2014.الأسلحة النووية مقدمة قصيرة جداً (ترجمة محمد فتحي خضـر). مؤسسة هنداوي(تاريخ النشـر الأصلي 2008)، دون ذكر رقم طبعة، القاهرة.

  • شنيني، حيدر قاسم فتيني. (2019). المسؤولية الدولية مفهومها وطبيعتها: دراسة قانونية. مجلة العدل، س(1)، ع(55).

  • بدر الدين، مرغني حيزوم. (2016). مسؤولية المنظمات الدولية في القانون الدولي المعاصر. مجلة البحوث والدراسات، ع(22).

  • السيد، رشاد عارف. (2011). القانون الدولي العام في ثوبه الجديد. دار وائل للنشر والتوزيع، ط(2)، عمان.

  • الغندور، عبد الرحمن مازن رشاد. (2022). المسؤولية الدولية للدول الداعمة للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين: دراسة مقارنة في القانون الدولي والفقه. رسالة ماجستير، كلية الشـريعة والقانون، الجامعة الإسلامية (غزة)، غزة – فلسطين.

  • بني عامر، حنين بلال ابراهيم. (2020). المسؤولية الدولية المترتبة على التصديق الناقص للمعاهدات في التشريع الأردني والمواثيق الدولية. رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، الجامعة الأردنية، عمان - الاردن.

  • أحمد، أبكر علي عبد المجيد. (2023). المسؤولية الدولية عن الإخلال بمبدأ حظر استخدام القوة أو التهديد بها ومدى تأثيرها على العلاقات الدولية المعاصرة: دراسة تحليلية وصفية للمسؤولية عن انتهاكات المبدأ في العدوان الروسي على أوكرانيا. مجلة العلوم الإقتصادية والإدارية والقانونية، مج(7)، ملحق.

  • الطراونة، مخلد ارخيص. الوسيط في القانون الدولي العام. دار وائل للنشر والتوزيع، دون ذكر رقم طبعة، عمان – الأردن.

  • البيلي، انتصار عبد الرحمن حمد. (2019). "المسؤولية الدولية في القانون الدولي والاتفاقيات الدولية". رسالة ماجستير، كلية الشريعة والقانون، جامعة أم درمان الإسلامية، أم درمان-السودان.

  • روسو، شارل. (1987). القانون الدولي العام. (ترجمة شكر الله خليفة وعبد المحسن سعد). الأهلية للنشـر والتوزيع، دون ذكر رقم طبعة، بيروت.

  • محمد، محمد نصـر. (2012). الوسيط في القانون الدولي العام. مكتبة الملك فهد الوطنية، ط(1)، الرياض.

  • معلم، يوسف. (2009). تطور مفهوم المسؤولية بدون ضرر. مجلة العلوم الإنسانية، ع(31).

  • بارافي، جمال. (2021). التأصيل الفقهي لقواعد المسؤولية الدولية عن أضرار البيئة: دراسة في ضوء الشـريعة الإسلامية والقانون الدولي. مجلة كلية القانون الكويتية العالمية، مج(10)، ملحق.

  • أحفيظ، حسان. (2020). المسؤولية الدولية لانتهاكات حقوق الإنسان. رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة محمد خيضر بسكرة، بسكرة - الجزائر.

  • سراغني، بوزيد. (2024). نظرية العمل الدولي غير المشروع كأساس للمسؤولية الدولية للدول. مجلة أبحاث قانونية وسياسية، مج(9)، ع(1).

  • عثمان، عبد المجيد علي أحمد. (2020). قواعد المسؤولية الدولية (نظيراتها. شروطها. آثارها الدولية). مجلة القرطاس، ع(11).

  • علي، غسان علي و عثمان، ميلاد أديب، (2022). تطور نظرية المسؤولية. مجلة جامعة تشـرين. العلوم الاقتصادية والقانونية، مج(44)، ع(4).

  • الجربي، سامي. (2011). شروط المسؤولية المدنية في القانون التونسي والمقارن. مطبعة التسفير الفنيي، ط(1)، صفاقسي.

  • عبد القادر، مرزق. (2021). مبدأ حظر استخدام القوة في القانون الدولي المعاصر. مجلة الحقوق والعلوم السياسية، مج(14)، ع(3).

  • السيد، هيبت فتوح محمد. (2024). الأساس القانوني للمسؤولية الدولية الناشئة عن استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القانون الدولي العام. مجلة جامعة الزيتونة الأردنية للدراسات القانونية، إصدار خاص.

  • المؤذن، هديل علي محمد والمالكي، هادي نعيم. (2021). نظرية المخاطر كأساس للمسؤولية الدولية عن أعمال مجلس الأمن المشـروعة دولياً والمتسمة بخطورة استثنائية. مجلة العلوم القانونية، مج(36).

  • بوبكر، عبدلي. (2017). المسؤولية الدولية عن الأعمال غير المشروعة في المجال البيئي. رسالة ماجستير، كلية الحقوق والعلوم الساسية ، جامعة د. الطاهر مولاي سعيدة، سعيدة - الجزائر.

  • ابراهيم، يزن وعلي، غسان. (2023). مسؤولية المنظمات الدولية في القانون الدولي. مجلة جامعة البعث، مج(45)،ع(8).

  • ميدون، علي عمر وحسني، أحمد بن محمد. (2013). أساس المسؤولية الدولية عن الفعل غير المشـروع وأركانها في القانون الدولي. المجلة الدولية للدراسات الآسيوية، مج(5)،ع(1).

  • ياكر، الطاهر. (2021). المسؤولية الدولية عن انتهاك أحكام القانون الدولي الإنساني وتطبيقاتها. مجلة صوت القانون، مج(8)،ع(1).

  • العبدالله، محسن عبدالله. (2019). المسؤولية الدولية عن الأضرار الناتجة عن استخدام الطاقة النووية في وقت السلم. رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة قطر، قطر – الدوحة.

  • عبدالله، أسماء عامر. (2022). التعويض في إطار القانون الدولي العام. مجلة الجامعة، ع(53)،ج(2).

  • محمود، عبد الغني عبد الحميد. (2002). صور التعويض عن الضـرر في القانون الدولي العام. مجلة كلية الشـريعة والقانون بأسيوط، ع(14)،ج(2).

  • إياد، محمد أبو مصطفى. (2021). مبدأ الضـرورة العسكرية وانتهاكات قواعد القانون الدولي الإنساني دراسة تطبيقية على مخالفة "إسرائيل" لمبدأ الضـرورة العسكرية خلال حرب (مايو2021). مجلة جامعة الأزهر-غزة، سلسلة العلوم الإنسانية، مج(23)،ع(2).

  • ويكيبيديا.(2025).وزارة الدفاع المنشور على الرابط: https://2u.pw/ThDGo

  • معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، عام(1968). المنشورة على الرابط: http://hrlibrary.umn.edu/arabic/TNPNW.html

  • اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، عام(1969). المنشورة على الرابط: http://hrlibrary.umn.edu/arabic/viennaLawTreatyCONV.html

تاريخ التسليم: 29/1/2025

تاريــــخ النشــر: 08/7/2025

مج3، ع2، ص57-67.
1-01-01.png
whatsApp.Icon-01.png
bottom of page