En

     يشهد العالم اليوم تحولات متسارعة تتقاطع فيها القضايا القانونية ذات الطابع الدولي مع التغيرات الجذرية في ميدان الإعلام والسياسة؛ فبينما يتصاعد النقاش حول حدود المسؤولية القانونية للدول في ظل التنافس على امتلاك أسلحة الدمار الشامل، يبرز في المقابل أثر الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل الممارسة الإعلامية وإعادة تعريف أدوار المؤسسات الصحفية والأكاديمية.

     في هذا الصدد يناقش العدد الحالي من مجلة قاف قضية مهمة من القضايا التي تتعلق بـ مسؤولية الدولة عن تصنيع واستخدام القنبلة الهيدروجينية في النزاعات الدولية المسلحة، حيث يتناول البحث إشكاليات القانون الدولي الإنساني في مواجهة التطور التكنولوجي العسكري، ويعيد طرح الأسئلة المتعلقة بحدود السيادة ومسؤولية المجتمع الدولي.

وفي موازاة البعد القانوني، يتجه الاهتمام إلى التغيرات التي يشهدها الإعلام التقليدي والرقمي على السواء؛ فقد تناولت إحدى الدراسات الميدانية استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني الأردني، كاشفة عن أثر هذه التقنيات في تطوير أساليب العمل الإعلامي، وتحقيق مزيد من الكفاءة والتفاعل مع الجمهور.

     ولأن التشريعات الإعلامية تعد أحد المحركات الرئيسة في رسم مستقبل الممارسة الصحفية، فقد جاء بحث آخر ليحلل اتجاهات الصحفيين العُمانيين نحو مشروع قانون الإعلام الجديد 2024، موضحاً انعكاسات هذا المشروع على حرية التعبير والرقابة المهنية، ومبرزاً ملامح العلاقة بين الإعلام والدولة في البيئة العمانية.

     كما أولت المجلة اهتماماً بدور المؤسسات الأكاديمية، فجاء بحث خاص يرصد اتجاهات أعضاء هيئة تدريس كليات الإعلام في الجامعات الأردنية نحو تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، وقد كشف هذا البحث عن مستوى الجاهزية المؤسسية والأكاديمية لمواكبة التحول الرقمي، بما يعكس تحديات وفرص التعليم الجامعي في العصر التكنولوجي.

     ويُختتم هـذا العـدد ببحـث يتناول أولـويات التغطية الإخبارية للحرب على غزة 2023 في الجزيرة وBBC العربية عبر منصة إنستغرام، وهو بحث مقارن يسلط الضوء على كيفية صياغة السرديات الإعلامية وإعادة ترتيب الأولويات الخبرية في ظل المنصات الرقمية، وقد أظهر البحث الدور المتنامي للإعلام الاجتماعي في تشكيل الرأي العام إزاء القضايا الإقليمية.

     وتضع هيئة التحرير بين يدي القارئ لوحة متكاملة من البحوث العلمية الرصينة، بما يجسد التزام مجلة قاف بدورها العلمي في إثراء المعرفة وتعزيزها من خلال طرح العديد من القضايا والموضوعات التي تحدد ملامح المرحلة الراهنة؛ وتأمل كذلك من جميع الباحثين المســاهمة في هـذا الجهد العلمي من خلال مشاركاتهم البحثية في الأعداد القادمة

​

​

مع أطيب التمنيات