إجراءات التقاضي الإلكتروني أمام المحاكم ودوائر التنفيذ
سهل العتوم
باحث متخصص في الحوكمة والتحول الرقمي
الملخص
هدف هذا البحث إلى تحليل واقع التقاضي الإلكتروني في الأردن من خلال استعراض الإجراءات المتبعة أمام المحاكم ودوائر التنفيذ، وتقييم مدى كفاءتها في تحقيق العدالة وتسريع الفصل في القضايا. وقد أظهرت الدراسة أن تطبيق التقاضي الإلكتروني، خاصة من خلال نظام "ميزان" ومنصة الخدمات الإلكترونية، ساهم في تحسين سرعة الإجراءات وتقليل الحاجة إلى الحضور الشخصي. كما أتاح تسجيل الدعاوى وتنفيذ الأحكام إلكترونيًا، مما عزز من كفاءة القضاء. ومع ذلك، لا تزال بعض القيود القانونية، مثل اشتراط موافقة الخصم على سماع الشهود إلكترونيًا، تحد من فاعلية النظام. كما تتطلب بعض المعاملات التنفيذية الحضور الشخصي، مثل توثيق الحسابات للمشاركة في المزادات الإلكترونية، مما يستدعي تطوير تشريعات أكثر شمولية لتعزيز التحول الرقمي في القضاء.
الكلمات المفتاحية: التشريع الأردني، التقاضي الإلكتروني، الحوسبة القضائية، المحاكم ودوائر التنفيذ
المقدمة:
شهدت العقود الأخيرة تحولًا رقميًا متسارعًا في مختلف القطاعات، ولم يكن النظام القضائي بمنأى عن هذه التحولات، حيث بدأت مسيرة حوسبة إجراءات المحاكمة منذ مطلع الألفية الجديدة؛ فقد بادرت المحاكم الأردنية باستخدام أجهزة الحاسوب في إعداد محاضر الجلسات، ثم تبنّت وزارة العدل خطةً متكاملة لحوسبة إجراءات التقاضي، بهدف تحسين الأداء القضائي وتعزيز كفاءة العمل في المحاكم ودوائر التنفيذ.
وقد تبلور هذا التوجه من خلال تطوير البنية التحتية الرقمية للمحاكم، واعتماد أنظمة إلكترونية متكاملة، مثل نظام "ميزان"، الذي أصبح العمود الفقري لإدارة القضايا، إضافةً إلى إطلاق بوابة الخدمات الإلكترونية عام 2016، التي مكّنت الأطراف من تقديم الدعاوى، ودفع الرسوم، والاستعلام عن القضايا دون الحاجة إلى مراجعة المحاكم.
وقد برزت الحاجة إلى تنظيم إجراءات التقاضي الإلكتروني لضمان سير العدالة بكفاءة دون المساس بالحقوق القانونية للأطراف؛ وقد خطا المشرّع الأردني خطوات هامة في هذا المجال، لا سيما من خلال التعديلات التي طرأت على قانون أصول المحاكمات المدنية وقانون التنفيذ، حيث تم تنظيم الجلسات الإلكترونية، وسماع الشهود عن بُعد، وتقديم الطلبات والمرافعات إلكترونيًا، إضافةً إلى تطوير آليات التنفيذ الجبري عبر المنصات الرقمية.
إلا أن هذا التحول الرقمي لا يخلو من التحديات، حيث لا تزال بعض الإجراءات بحاجة إلى تطوير تشريعي وتقني لتتكامل مع البيئة الإلكترونية، مثل مسألة اشتراط موافقة الخصم على سماع الشهود إلكترونيًا، وإجراء الخبرة الفنية عن بُعد، واعتماد التوقيع الرقمي في جميع المراسلات القضائية. وعليه، فإن البحث في إجراءات التقاضي الإلكتروني يتطلب تحليلًا دقيقًا للأنظمة المعمول بها، واستعراض أوجه القوة والقصور، وطرح مقترحات تعزز من فاعلية النظام القضائي الإلكتروني، بما يواكب التطورات العالمية في هذا المجال.
مشكلة البحث:
مع تطور التكنولوجيا وتحول العديد من القطاعات نحو الرقمنة، تبنّى النظام القضائي الأردني إجراءات التقاضي الإلكتروني لتسهيل المعاملات القضائية وتسريع إجراءات التقاضي أمام المحاكم ودوائر التنفيذ. ورغم هذه الجهود، لا يزال التطبيق الفعلي يواجه تحديات قانونية وإجرائية، مما يثير الحاجة إلى دراسة مدى كفاءة وفعالية هذه الإجراءات في تحقيق العدالة الناجزة.
وعليه، تتمحور مشكلة البحث حول تحليل إجراءات التقاضي الإلكتروني المعتمدة أمام المحاكم ودوائر التنفيذ، ومدى توافقها مع المعايير القانونية وضمانات التقاضي العادل، من خلال الإجابة عن التساؤلين التاليين:
-
ما هي الإجراءات الإلكترونية المتبعة أمام المحاكم الأردنية، وما مدى فعاليتها في تحقيق العدالة وسرعة الفصل في القضايا؟
-
ما هي الإجراءات الإلكترونية المتبعة أمام دوائر التنفيذ، وما مدى كفاءتها في تسهيل تنفيذ الأحكام وضمان حقوق الأطراف؟
أهمية البحث:
تتجلى الأهمية العلمية لهذا البحث في تسليط الضوء على التطور التشريعي والتقني لإجراءات التقاضي الإلكتروني، من خلال تحليل النصوص القانونية والأنظمة المعمول بها في المحاكم ودوائر التنفيذ. كما يسهم في إثراء الدراسات القانونية المتعلقة بالعدالة الرقمية، من خلال تقديم رؤية متكاملة حول مدى توافق الإجراءات الإلكترونية مع مبادئ المحاكمة العادلة وضمانات التقاضي.
أما الأهمية التطبيقية، فتتمثل في تقييم مدى كفاءة وفعالية التقاضي الإلكتروني في تسهيل الإجراءات القضائية وتسريع تنفيذ الأحكام، مما يساعد في تحسين أداء المحاكم ودوائر التنفيذ. كما يوفر البحث توصيات عملية للمشرّع والقائمين على تطوير الأنظمة الإلكترونية القضائية، لتعزيز كفاءة المنظومة الرقمية وتحقيق العدالة الناجزة بأفضل الوسائل التقنية المتاحة.
أهداف البحث:
يهدف هذا البحث إلى تحليل واقع التقاضي الإلكتروني في الأردن، من خلال استعراض الإجراءات المتبعة أمام المحاكم ودوائر التنفيذ، وتقييم مدى كفاءتها وفعاليتها في تحقيق العدالة وتسريع الإجراءات القضائية. ومن هنا، تتحدد أهداف البحث فيما يلي:
-
تحليل الإجراءات الإلكترونية المتبعة أمام المحاكم الأردنية، وقياس مدى فعاليتها في تحقيق العدالة وسرعة الفصل في القضايا.
-
دراسة الإجراءات الإلكترونية المتبعة أمام دوائر التنفيذ، وتقييم مدى كفاءتها في تسهيل تنفيذ الأحكام وضمان حقوق الأطراف.
الدراسات السابقة:
هدفت دراسة عبدالقادر([1]) (2022) التعرف إلى التطورات التشريعية التي شهدتها بعض الأنظمة القانونية فيما يتعلق بإجراءات التقاضي الإلكتروني، وذلك من خلال تحليل آليات التحول الرقمي في النظام القضائي، ومدى تأثيرها في تبسيط الإجراءات والتخفيف من المشكلات العملية المرتبطة بالنموذج التقليدي لرفع الدعاوى. كما تسلط الدراسة الضوء على بعض النماذج الرائدة، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وسنغافورة، في تبني تقنيات المعلومات والاتصالات لتطوير منظومة التقاضي.
وقد توصلت الدراسة إلى أن التقاضي الإلكتروني يسهم في تحسين كفاءة النظام القضائي من خلال إلغاء بعض الخطوات الإجرائية غير الضرورية، مما يسرّع الفصل في القضايا ويخفف من الأعباء الإدارية. كما أكدت الدراسة على أهمية إعادة النظر في بعض العمليات والإجراءات التقليدية بهدف تبسيطها، وضرورة توفير بيئة تشريعية وتنظيمية تدعم التحول الرقمي في التقاضي، لضمان تحقيق العدالة بكفاءة أكبر وتقليل التأخيرات الإدارية والإجرائية.
وهدفت دراسة العدوان([2]) (2020) التعرف إلى إشكالية التقاضي الإداري الإلكتروني، من خلال البحث في مفهومه وأهميته في تطوير مرفق القضاء، بالإضافة إلى تحليل إجراءات رفع الدعوى الإدارية وآليات نظرها والفصل فيها وفق النظام القضائي الإلكتروني. كما تتناول الدراسة مدى توافق هذه الإجراءات مع المبادئ العامة المنظمة للتقاضي الإداري.
وقد توصلت الدراسة إلى ضرورة تبني نظام التقاضي الإلكتروني في القضاء الإداري، والتوسع في تطبيقه ليشمل جميع إجراءات التقاضي من بدايتها حتى نهايتها. كما أكدت على أهمية وضع تنظيم تشريعي واضح لهذه الإجراءات، بما يضمن انسجامها مع القواعد العامة للتقاضي، مع الأخذ بعين الاعتبار الخصوصية التي تفرضها الوسائل الإلكترونية على العملية القضائية.
أما دراسة العكيدي([3]) (2022) فقد هدفت إلى بيان مفهوم التقاضي الإداري الإلكتروني ومدى إمكانية انعقاد جلسات المحاكم الإدارية إلكترونيًا، وذلك في ضوء التطورات التشريعية الحديثة التي تدعم هذا الاتجاه، مع التركيز على التجربة الإماراتية كنموذج رائد في تبني المحاكم الإلكترونية. كما تسلط الدراسة الضوء على مزايا المحاكم الإدارية الإلكترونية، وإمكانية تطبيقها في النظام القضائي العراقي، من خلال تحليل المتطلبات القانونية والتقنية اللازمة، والعقبات التي قد تواجه هذا النوع من المحاكم، وسبل معالجتها.
وقد توصلت الدراسة إلى أن اعتماد المحاكم الإدارية الإلكترونية من شأنه أن يسهم في تحسين كفاءة القضاء الإداري وتسريع الفصل في القضايا، إلا أن ذلك يتطلب تعديلات تشريعية في القوانين العراقية، لا سيما قانون التوقيع الإلكتروني والمعاملات الإلكترونية رقم (78) لسنة 2012، لمواكبة التطورات التقنية في إدارة المحاكم. كما أوصت الدراسة بضرورة إدراك مجلس شورى الدولة العراقي لأهمية التحول الرقمي في القضاء الإداري، وتحديث التشريعات لضمان تحقيق العدالة الإلكترونية بفاعلية.
المحور الأول: الإجراءات المتبعة أمام المحاكم
بدأت عملية حوسبة إجراءات المحاكمة في عام 2000، إذ شرعت المحاكم باستخدام أجهزة الحاسوب لغايات إعداد وطباعة محاضر الجلسات، وفي أواخر عام 2003 تبنت وزارة العدل فكرة حوسبة إجراءات عمل المحاكم، وبدأ تطبيق أولى هذه المحاولات في عام 2004 في قصر العدل – عمان، وفي خلال العام 2005 تم إعداد الصيغة الأولية من نظام ميزان (ميزان/1)، وخلال العامين 2006-2007 تم تطبيق النظام في معظم محاكم المملكة([4]).
وتبنت وزارة العدل خطة لتطوير القضاء في عام 2004 تمثلت في تحسين الأداء العام للجهاز القضائي في الأردن، وتعزيز دوره في دعم المجتمع المدني ترتكز على أحد عشر محوراً، قد كان أبرزها؛ حوسبة أعمال المحاكم وأعمال وزارة العدل، وقد بدأت مظاهر تطبيق الحوسبة من خلال إنجاز مشروع أرشفة الأوراق المتعلقة بالقضايا التنفيذية إلكترونياً، ثم الانتقال لأرشفة كافة قضايا المحاكم تمهيداً لتطبيق البيئة الإلكترونية في عمليات التقاضي([5]).
وتمثلت أهم إجراءات حوسبة المحاكم التي اتخذتها وزارة العدل في بناء مركز حاسوب رئيس يضم قاعدة بيانات لجميع قضايا المحاكم، وبناء شبكة اتصال بين جميع المحاكم بعدد (65) موقعاً مختلفاً يتم من خلالها تبادل البيانات وتخزينها في مركز الحاسوب الرئيسي، وتطبيق نظام "ميزان" والذي يعتبر النظام الأساسي في عمل المحاكم؛ لتسجيل ومتابعة إجراءات التقاضي منذ لحظة تسجيلها وحتى إنجازها، وتطبيق نظام أرشفة إلكتروني لتغطية كافة أعمال المحاكم، وصولاً إلى الملف الإلكتروني الكامل، وتطبيق نظام تنفيذ دوائر الادعاء العام، ونظام تنفيذ القضايا الحقوقية، ونظام كاتب العدل([6]).
واستجابةً لرؤى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين التي أوردها في الورقة النقاشية السادسة، أطلقت وزارة العدل موقع الخدمات الإلكترونية في عام 2016 الذي وفر عدداً من الخدمات منها؛ تسجيل الدعاوى وطلبات التنفيذ الإجرائية ومتابعتها، والاستعلام عن الدعاوى، ومواعيد الجلسات القادمة، إضافةً إلى إجراء معاملات كاتب العدل، واستصدار شهادة عدم المحكومية، ودفع الرسوم إلكترونياً، كما عملت على ربط المحاكم مع دوائر الادعاء العام، دائرة مراقبة الشركات، دائرة الأحوال المدنية، نقابة المحامين النظاميين، دوائر الأراضي والمساحة، مراكز الإصلاح والتأهيل، وإدارة المعلومات الجنائية، وغيرها من الجهات التي تعمل على تزويد المحاكم بالمعلومات اللازمة خلال ثوانٍ([7]).
وقد شهدت محكمة بداية عمان في عام 2004 الانطلاقة الأولى في حوسبة الإجراءات ومحاضر الجلسات، ثم جرى العمل على تعميم هذه التجربة في جميع المحاكم في المملكة الأردنية، وشمل هذا المشروع تجهيز البنية التحتية في المحاكم من سيرفرات وشبكات وأجهزة حاسوب وملحقاتها، وكذلك تركيب وتشغيل نظام محوسب لإدارة الدعوى القضائية، ويعمل هذا النظام خصيصاً وفق متطلبات العمل في المحاكم الأردنية، بحيث يتم تسجيل وتوثيق وتتبع مراحل الدعوى القضائية إلكترونياً خلافا لنظام الملفات الورقية التقليدي، وما قد يعتريه من مشاكل إجرائية وفنية، إضافةً إلى تدريب العاملين في المحاكم على هذا النظام([8]).
ويرى الباحث أن لفظ (وغير ذلك من إجراءات المحاكم) قد جاء لفظاً عاماً يشمل، إجراء الخبرة الفنية، سماع الشهود، إفهام الخبير المهمة المقررة، وغيرها من إجراءات التقاضي؛ وقد كانت هذه المادة هي الخطوة الأولى لتبني المشرع الأردني إلكترونية جميع إجراءات التقاضي، لكن دون بيان آليات واضحة لتطبيق ذلك، حيث يستتبع ذلك من الباحثين تقديم التوصيات اللازمة للمشرع لكيفية تطبيق جميع إجراءات التقاضي عن طريق الوسائل الإلكترونية، وكيفية تطبيق المحاكم الأردنية لإجراءات التقاضي الجوهرية، وما هو جارٍ عليه العمل في وقتنا الحالي.
وقد عدّل المشرع الأردني المادتين (71 و182) من قانون أصول المحاكمات المدنية لعام 2023، فقد حدد الإجراءات التي يجوز عقدها تدقيقاً دون حضور أطراف الدعوى إلى المحكمة، ثم أدرج عدداً لا بأس به من الإجراءات الجوهرية المستثناة من ذلك في المادة (182) من قانون أصول المحاكمات المدنية، بحيث لم ينص صراحةً على إمكانية ممارسة الإجراءات المستثناة إلكترونياً بحضور أطراف الدعوى عبر منصة التقاضي، على خلاف ما ذهب إليه المشرع الإماراتي في المادة (4) من القرار الوزاري من إمكانية عقد جميع الإجراءات إلكترونياً بموافقة جميع الخصوم في الدعوى، أو جزئياً لإجراء واحد أو أكثر بطلب من أحد الخصوم أو وكيله([9]).
إنّ من المكنات التي وفرها القانون عند عدم قدرة الشاهد على الحضور للمحكمة انتقال المحكمة له لسماع شهادته أو إنابة المحكمة الأقرب للشاهد وفق ما جاء في المادة (82/2) من قانون أصول المحاكمات المدنية، أو اللجوء إلى الإنابات القضائية بين الدول إذا كان الشاهد المراد سماعه يقيم خارج البلاد ويتعذر حضوره لمرضه أو عجزه أو لأي سبب آخر، إلا أنه في الواقع يعد إجراءً غير عملي في ظل طول المراسلات وعدم الاستجابة السريعة وكثرة الإجراءات الرسمية بين الدول، فيكون اللجوء إلى سماع شهادته إلكترونياً الملاذ الأخير الذي يحقق الغاية المرجوة بأسرع وقتٍ وجهد([10]).
إلا أن المشرع قد اشترط موافقة الطرف الآخر لغايات سماع الشاهد إلكترونياً، فقد نصت المادة (81/7) من القانون المعدل لقانون أصول المحاكمات المدنية على منح المحكمة صلاحية جوازية في سماع شاهد باستخدام وسائل الاتصال الحديثة دون مثوله أمامها بناءً على طلب أحد الخصوم وبموافقة خصمه الآخر، سواء كان الشاهد داخل المملكة أو خارجها ووفقاً للنظام، والمقصود هنا نظام استعمال الوسائل الإلكترونية.
وعند الرجوع إلى النظام يجد الباحث أنه قد نص على أن يكون للمحكمة الصلاحية في أن تقرر من تلقاء ذاتها، أو بناء على طلب أحد أطراف الدعوى سماع الشهود باستعمال الوسائل الإلكترونية المرئية والمسموعة المعتمدة من الوزارة في حال كان الشاهد يقيم في منطقة خارج اختصاص المحكمة المختصة، أو في حال تعذر حضور الشاهد إلى المحكمة المختصة لأي سبب كان([11]).
وتطبيقاً لذلك جاء في الحكم التمييزي:"... على المحكمة أيضاً مراعاة ما ورد بالمادة (81/7) من القانون ذاته عند تطبيق هذه الحالة من ضرورة موافقة الخصم الآخر، والمحكمة على سماعه لكون المحكمة ملزمة بمراعاة أحكام قانون أصول المحاكمات المدنية عند تطبيق حكم المادة (9) من النظام بدلالة المادة (3) من النظام، وبالتالي ففي حال طلب الخصم سماع شهادة الشاهد بهذه الوسيلة، فلا بد أن يلحق هذا الطلب موافقة الطرف الآخر والمحكمة..."([12]).
إنّ المشرع الأردني لم يكن موفقاً في تعليق سماع الشاهد باستخدام وسائل الاتصال الحديثة على موافقة الخصم الآخر، حيث إن البينات من حق الخصم يختار ما يشاء منها؛ ليدعّم بها ادعاءاته، ويكون على المحكمة أن تجيب طلبه وتقبل بيناته ما دامت قانونية، متعلقة في الدعوى ومنتجة في الإثبات دون أن يكون للطرف الآخر أي دور في ذلك، وكذلك الحال في التقاضي الإلكتروني فإنه لا يشترط إلا توافر شروط المادة (4/أ) من قانون البينات في البينات المقدمة في الدعوى التي تُنظر إلكترونياً، ولا يجوز ترك مسألة تحديد آلية سماع البينات لرغبة ومزاجية الخصم الآخر، مما يؤدي إلى تفويت الفرصة على الخصم بالاستشهاد ببينات جوهرية لإثبات دعواه([13]).
ناهيك عن وجود التضارب بين نص المادة (81/7) من قانون أصول المحاكمات المدنية والمادة (9/أ) من نظام استعمال الوسائل الإلكترونية، إذ إن الأول قد أتاح سماع الشاهد إلكترونياً بطلب من الخصم وموافقة خصمه الآخر، في حين أن الأخير قد منح صلاحية سماع الشاهد إلكترونياً للمحكمة من تلقاء ذاتها، أو بناء على طلب أحد أطراف الدعوى، ودون أن يعلق ذلك على موافقة الطرف الآخر([14]).
ثم فإن الباحث يرى أنّ النظام كان أكثر توفيقاً في تنظيم هذه المسألة، وأكثر اتساقاً مع القواعد العامة التي تمنح المحكمة صلاحية إجازة البينة لا لأي من أطراف الدعوى؛ فنص المادة (9/أ) من نظام استعمال الوسائل الإلكترونية هو النص الخاص والأولى بالتطبيق؛ ذلك أنه قد ورد ضمن التشريع الخاص المتعلق بالتقاضي الإلكتروني.
وقد كان المشرع موفقاً في التعديل الأخير لقانون أصول المحاكمات المدنية عندما أضاف عبارة (سواء كان الشاهد داخل المملكة أو خارجها)؛ ليحسم بذلك الجدل حول تفسير عبارة (في منطقة خارج اختصاص المحكمة المختصة) الواردة في نظام استعمال الوسائل الإلكترونية، إذ إن محكمة التمييز الموقرة قد فسّرت العبارة السابقة على النحو التالي:"... يستفاد من نص المادة (9) من النظام على اقتصار نطاق تطبيقه المكاني داخل حدود المملكة الأردنية الهاشمية وليس في الخارج، فعلى الرغم من خلو النص صراحة من ذلك إلا أن دلالة ألفاظه وعباراته في كافة فقراته تشير إلى ذلك كاستعمال لفظة (المنطقة) في الفقرة (أ) من المادة التاسعة([15]).
وإن مدلول المنطقة هو داخل الإقليم وليس خارجه واستعمال لفظ المحكمة الأقرب في الفقرة (ب) وإن مدلول المحكمة الأقرب لا يمكن تحميل مقصوده على أنها المحاكم الموجودة خارج المملكة؛ لأنها ستكون بذلك بالطبع هي المحاكم الأبعد خلافاً لمدلول النص وإن من واجب المحكمة التثبت من فاعلية الوسائل الإلكترونية، ومدى توفر الضمانات المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات المدنية، فإن المخاطب في الأصل هي المحاكم الوطنية؛ لأنها هي المكلفة بتطبيق نصوصها الوطنية وليس المحاكم الأجنبية التي لو أراد النص شمولها لنص على ضرورة مراعاة الأحكام الأجنبية أو الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالشأن القضائي في حال سماع الشاهد بهذه الوسائل وما ورد في الفقرة (هـ) من المادة (9) من هذا النظام التي أناطت بوزارة العدل واجب تقديم التسهيلات اللازمة لتمكين المحاكم من استخدام الوسائل الإلكترونية لسماع الشهود، واتخاذ تدابير إدارية في توثيقها، والأصل أن سلطة وزارة العدل لا تتعدى خارج حدود الإقليم (أراضي المملكة الأردنية الهاشمية) وأن الخروج عن هذا الأصل يحتاج إلى نص صريح ... ونخلص إلى أن نظام استخدام الوسائل الإلكترونية يطبق على الشهود الموجودين داخل نطاق الحدود الأردنية وليس خارجها، وبشروط محددة نصت عليها المادة (81/7) من الأصول المدنية والمادة (9) من النظام"([16]).
ويجد الباحث أن المشرع في قانون أصول المحاكمات المدنية قد أحال لإجراءات سماع الشاهد إلكترونياً الواردة في النظام، الذي نص على وجوب مراعاة المحكمة للضمانات المنصوص عليها في القانون عند الاستماع إلى شهادات الشهود بالوسائل الإلكترونية، كما أنه يتوجب على المحكمة عند الاستماع إلى شهادات الشهود بالوسائل الإلكترونية التثبت من عدم وجود أي مؤثرات على إرادة الشاهد، ومن فاعلية الوسائل الإلكترونية المستخدمة، بحيث تمكنها هذه الوسائل من مشاهدة المكان الموجود فيه الشخص المعني وسماعه بشكل واضح.
لم يرد في قانون أصول المحاكمات المدنية ما ينظم هذه المسألة، ولكن يرى الباحث أن المادة (81/7) من قانون أصول المحاكمات المدنية، والمادة (9) من نظام استعمال الوسائل الإلكترونية لم يرد فيها قيد حول وجوب سماع الشهود إلكترونياً أمام جهة قضائية، كما أنه قد ألزم المحكمة ذاتها التي تستمع للشاهد من التثبت من عدم وجود أي مؤثرات تحيط بالشاهد، ولم تلقِ هذا الالتزام على جهة أخرى، مما نستخلص معه إمكانية سماع الشاهد إلكترونياً في أي مكان يوجد فيه.
وبما أن المشرع لم يقيد سماع الشاهد إلكترونياً أمام جهة قضائية، فمن باب أولى أنه لو تم الاستماع إلى الشاهد أمام جهة قضائية ألا تتقيد بذات تشكيل المحكمة ناظرة النزاع في المملكة، علاوةً على أن المشرع في المادة (81/1) مكرر من قانون أصول المحاكمات المدنية قد أتاح للمحكمة التي يفوق تشكيلها القاضي المنفرد، فيما لو أجازت لأحد الخصوم الإثبات بالبينة الشخصية الاكتفاء بإنابة أحد أعضاء هيئتها لسماع الشهود على الواقعة المحددة، فلم تشترط ابتداءً أن يتم سماع الشهود من كامل تشكيل المحكمة([17]).
وقد طبقت عدة محاكم حقوقية سماع الشهود إلكترونياً عبر تطبيق "سكايب" وغيرها عند موافقة الخصم الآخر، ولم تشترط سماع الشاهد أمام هيئة قضائية في البلد الذي يقطن فيه، حيث استمعت محكمة بداية حقوق عمان إلى شاهد تركي الجنسية من خلال مترجمة، تترجم بين الشاهد والمحكمة من اللغة التركية إلى العربية والعكس عبر الوسائل الإلكترونية، حيث جاء في حكمها:"... قدم وكيل المدعية مذكرة خطية تتضمن البريد الإلكتروني وهاتف الشاهد تقع على صفحة واحدة وضمت إلى المحاضر...وقررت المحكمة سماع شهادة الشاهد (فاروق أوغلو) بواسطة الوسائل الإلكترونية وتسطير كتاب إلى وزارة العدل لتمكين المحكمة من إعداد الإجراءات اللازمة لسماع الشاهد ... ثم قررت المحكمة سؤال الوكيلين فيما إذا كانا يتفقان على تسمية خبير للترجمة ما بين الشاهد والمحكمة كون الشاهد تركي الجنسية لا يتقن اللغة العربية، وترك الوكيلان الأمر للمحكمة وقررت المحكمة انتخاب المترجمة (أمونة مروة) وتبليغها ... ثم استمعت المحكمة لشهادة الشاهد (فاروق اوغلو) بحضور المترجمة (أمونة مروة) بالوسائل الإلكترونية"([18]).
وفيما يتعلق بعقد الجلسات المرئية دون حضور الخصوم للمحكمة وإنما من أماكنهم الخاصة، يجد الباحث أن المحاكم الأردنية لم تفعل إمكانية عقد الجلسات المرئية دون حضور الخصوم إلى المحكمة، كما لم تعتمد بعد منصة إلكترونية لغايات عقد الجلسات، وإنما ما يجري عليه العمل هو عقد جلسة إلكترونية عن طريق أحد التطبيقات لغايات سماع شاهد مقيم خارج البلاد ويتعذر حضوره إلى المملكة، مع مثول الأطراف أمام المحكمة وموافقتهما.
إنّ الإجراء الذي يتم عبر الوسائل الإلكترونية كاملاً المتبع حالياً هو إيداع المذكرات واللوائح والمرافعات إلكترونياً، والتي تحمل توقيعاً حياً، حيث نصت المادتان (71 و182) من قانون أصول المحاكمات المدنية على عقد الجلسات تدقيقاً، بغير حضور الخصوم لتبادل اللوائح، وتوريد المذكرات والمرافعات أو لإصدار القرارات الإعدادية ثم تبليغها للأطراف، و هذا النص لا يكرس مبدأ المواجهة بين الطرفين، خاصةً أمام محكمة الدرجة الأولى التي يُعرض أمامها النزاع لأول مرة، ولا يحقق أهداف التقاضي الإلكتروني الذي يتطلب عقد الجلسات بحضور الأطراف من أماكنهم عبر الوسائل الإلكترونية، مما يقتضي معه تعديل المادة واستبدال نظر الجلسات تدقيقاً بعقدها إلكترونياً بحضور الأطراف الافتراضي.
والإستغناء عن التوقيع الحي حتى تكون عملية إنشاء المستندات إلكترونية بشكل كامل دون حاجة إلى طباعة المستند وتوقيعه توقيعاً حياً، ثم تصويره وتحميله على النظام، إذ نص المشرع على أن للمحاضر حجية دون حاجة إلى توقيعها. أما فيما يتعلق بإجراء الخبرة الفنية، يجد الباحث أن المحاكم الأردنية لم تتبنَّ إجراء الخبرة الفنية إلكترونياً بكافة أنواعها المحاسبية أو الخبرة بالمضاهاة والاستكتاب أو خبرات تقدير التعويض، مما يقتضي استحداث نصوص تعالج إمكانية إجراء الخبرة إلكترونياً([19]).
أما القرارات التي يتم نظرها تدقيقاً، كطلب الحصول على الإذن بالتمييز وفقاً للمادة (191)([20]) من قانون أصول المحاكمات المدنية، يصدر القاضي المفوض من قبل رئيس محكمة التمييز قراره فيها، ثم يتم تبليغه للوكيل في الدعوى بإحدى طرق التبليغ الإلكترونية؛ برسالةٍ نصية على هاتفه الخلوي أو بريده الإلكتروني أو الحساب الخاص به على نظام الخدمات الإلكترونية لوزارة العدل، ويعد هذا التبليغ منتجاً لآثاره القانونية من تاريخ استلام الوكيل رسالة بقرار الموافقة على منح الإذن لغايات احتساب المدة القانونية لتقديم الطعن التمييزي، حيث إن الإجراء المعتمد حالياً لبدء حساب المدة يكون من خلال تاريخ استلام الرسالة النصية المثبت بمشروحات قلم التمييز، والتي تفيد بتاريخ استلام الوكيل الرسالة النصية بقرار الموافقة على منح الإذن([21]).
المحور الثاني: الإجراءات المتبعة أمام دوائر التنفيذ
إن حصول الشخص على حكم قضائي لا يكفي وحده، لأن الحماية القضائية لا تكتمل إلا بتنفيذ ما قرره هذا الحكم، وحصول صاحب الحق على حقه فعلاً، لذلك يأتي التنفيذ الجبري ليقوم بدوره في إيصال الحق إلى صاحبه؛ وإجبار المدين على تنفيذ الالتزام المترتب عليه لمصلحة الدائن([22]).
وقد حرص المشرع الأردني في قانون التنفيذ على إدخال التكنولوجيا في إجراءات التنفيذ ضمن التعديلات التي تمت على قانون التنفيذ لعام 2022([23])، فقد نصت المادة (10/ب)([24]) من قانون التنفيذ على إمكانية تقديم طلب التنفيذ من المحكوم له أو المحكوم عليه إلكترونياً، وإرساءً لذلك وفّر نظام الخدمات الإلكترونية لوزارة العدل العديد من الخدمات الإلكترونية ضمن دائرة التنفيذ، منها؛ تسجيل القضايا التنفيذية ودفع الرسوم، وإدخال الطلبات الإجرائية إلكترونياً، ومتابعتها فيما إذا تم اتخاذ القرار فيها أم أنها بانتظار قرار القاضي([25])، وإجراء الإخطار التنفيذي إلكترونياً، وأي تبليغات أخرى خلال الدعوى التنفيذية.
وقد نصت المادة (10/ب) من قانون التنفيذ على أن يُصدر وزير العدل التعليمات اللازمة لبيان الإجراءات في تسجيل الدعاوى التنفيذية، ودفع الرسوم وتقديم الطلبات التنفيذية وإجراء التبليغات عن طريق الوسائل الإلكترونية، إلا أنه لم تصدر حتى الآن.
وإن المعمول به حالياً عند تسجيل الدعوى التنفيذية أن يتم إرفاق صورة عن السند التنفيذي، ودفع رسوم التنفيذ إلكترونياً، ثم يعمل النظام على سحب المعلومات المتعلقة بأطراف الدعوى وتجهيز المحضر التنفيذي، ليقوم طالب التنفيذ بطباعته وتوقيعه وإعادة تحميله على النظام، ثم يأخذ الطلب رقماً، وبعد أن يتحقق الموظف المسؤول من اكتمال جميع الوثائق يوافق على تسجيل الدعوى، ثم يكون على طالب التنفيذ أن يُسلم دائرة التنفيذ جميع الوثائق التي تم تحميلها.
كما يمكن للدائن طلب الحجز على أموال المدين إلكترونياً من خلال بوابة الخدمات الإلكترونية، ثم يستلم قاضي التنفيذ الطلب إلكترونياً ويدرس مدى جواز إلقاء الحجز، وفيما إذا كانت الأموال المملوكة للمدين من الجائز حجزها ثم يصدر قراره على النظام، ويتم تحويل القرار مباشرةً لموظف التنفيذ الذي يقوم بإنجاز الإجراء عن طريق النظام الذي تم ربطه مع كافة الجهات الرسمية ويخوّل موظف التنفيذ مخاطبتها لتحويل أموال المدين من رواتب عائدة له، أو وضع إشارة الحجز على العقارات والمنقولات المملوكة للمدين بغية حجزها لصالح الدعوى التنفيذية.
وفيما يتعلق بالأموال التي يتم حجزها ويصعب نقلها إلى دوائر التنفيذ، يقوم مأمور الحجز بالانتقال إلى مكانها، ووضع رقم متسلسل (Barcode) عليها لتمييزها، وحجزها في مكانها([26]).
ويتم كذلك إصدار مذكرات حبس المدين، أو منعه من السفر من خلال النظام الإلكتروني المتصل مباشرة مع الجهات المعنية، وفيما يتعلق بإجراء الخبرة الفنية يجد الباحث أن دوائر التنفيذ مازالت تجريها بشكل تقليدي، ولم تُدخل أنظمة المعلومات في إجرائها.
كما يتيح نظام الخدمات الإلكترونية الدخول إلى خانة المزادات الإلكترونية لبيع الأموال المحجوزة، واستعراض كامل تفاصيل العقارات والمنقولات المعروضة للبيع بالمزاد العلني، والاشتراك بالمزايدة إلكترونياً.
وقد تم نشر الشروط والأحكام الخاصة بالدخول إلى المزادات على نظام الخدمات الإلكترونية([27])، وأصدر وزير العدل التعليمات الناظمة للبيع بالمزاد العلني([28]) التي اشترطت في المادة (6)([29]) منها على كل من يرغب في الشراء والمزاودة من خلال موقع المزادات الإلكترونية الخاص بوزارة العدل القيام بتسجيل بياناته واختيار اسم مستخدم وكلمة مرور خاصة به، ومراجعة أقرب دائرة تنفيذ شخصياً أو من ينوب عنه بموجب وكالة لتوثيق حسابه بعد تسجيل بياناته إلكترونياً، حتى يتمكن بعد ذلك من استخدام خدمات الموقع والاشتراك بالمزادات دون مراجعة دائرة التنفيذ المختصة، ودفع مبلغ التأمين اللازم للدخول إلى المزاد الإلكتروني عن طريق إحدى وسائل الدفع الإلكترونية.
حيث يجد الباحث أن هذه الخدمة لم تتحول بالكامل إلكترونياً، إذ مازال العمل على وجوب مراجعة دائرة التنفيذ لغايات توثيق الحساب للاشتراك بالمزايدة، ثم تتم باقي الإجراءات إلكترونياً.
الخاتمة:
يشكل التقاضي الإلكتروني نقلة نوعية في تطوير النظام القضائي الأردني، حيث ساهم في تسريع إجراءات التقاضي، وتبسيط المعاملات، وتحسين كفاءة المحاكم ودوائر التنفيذ من خلال تقليل الأعباء الإدارية والحد من التأخيرات الإجرائية. وقد شهدت المحاكم الأردنية خطوات متقدمة في تطبيق الأنظمة الإلكترونية، مثل نظام "ميزان" ومنصة الخدمات الإلكترونية، مما عزز من سهولة الوصول إلى العدالة وسرعة الفصل في القضايا.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تستوجب المعالجة، مثل ضرورة تعديل بعض التشريعات لضمان تكامل الإجراءات الإلكترونية مع مبادئ المحاكمة العادلة، وتفعيل منصات إلكترونية متكاملة لعقد الجلسات الافتراضية، وإزالة العقبات التقنية والإدارية التي قد تحد من فعالية التقاضي الإلكتروني. وعليه، فإن تعزيز البنية التحتية الرقمية واستكمال الإصلاحات التشريعية يعدان من الأولويات لضمان نجاح التقاضي الإلكتروني في تحقيق العدالة الناجزة.
أولاً: أبرز النتائج
-
ساهمت حوسبة إجراءات المحاكم في تحسين سرعة وكفاءة التقاضي، خاصة بعد تطبيق نظام "ميزان" ومنصة الخدمات الإلكترونية.
-
أتاح التقاضي الإلكتروني إمكانية تسجيل الدعاوى وتقديم الطلبات التنفيذية إلكترونيًا، مما قلل من الحاجة إلى الحضور الشخصي وسرّع الإجراءات القضائية.
-
لا تزال بعض الإجراءات، مثل سماع الشهود إلكترونيًا، تواجه قيودًا قانونية، أبرزها اشتراط موافقة الخصم الآخر، مما قد يحد من فعالية التقاضي الإلكتروني.
-
رغم تطوير أنظمة التنفيذ الإلكتروني، إلا أن بعض المعاملات لا تزال تحتاج إلى الحضور الشخصي، مثل توثيق الحسابات للمشاركة في المزادات الإلكترونية.
ثانياً: التوصيات
-
تعديل التشريعات لتوسيع نطاق التقاضي الإلكتروني، بحيث يشمل جميع مراحل التقاضي دون قيود غير مبررة، مع ضمان الامتثال لمعايير العدالة والشفافية.
-
تطوير منصات إلكترونية متكاملة تتيح عقد الجلسات الافتراضية بالكامل، بما يضمن إمكانية مشاركة الأطراف عن بُعد دون الحاجة إلى الحضور الفعلي للمحاكم.
-
تعزيز التكامل بين أنظمة المحاكم والجهات الرسمية المختلفة، لضمان توفير البيانات اللازمة بشكل فوري، وتقليل الحاجة إلى الإجراءات الورقية التقليدية.
([1]) عبدالقادر، محفوظ. (2022). التقاضي الإلكتروني في التشريعات المقارنة. المجلة الأكاديمية للبحوث القانونية, 12(3), 967-989.
([2]) العدوان، ماجد أحمد صالح. (2022). التقاضي الإداري الإلكتروني في النظام القانوني الأردني: دراسة مقارنة. مجلة جامعة العين للأعمال والقانون, 4(1), 84-109.
([3]) العكيدي، مريم شهاب أحمد. (2022). المحاكم الإدارية وإمكانية انعقاد جلساتها إلكترونيًا: دراسة مقارنة (رسالة ماجستير). جامعة الشرق الأوسط، كلية الحقوق، قسم القانون العام.
([4]) وزارة العدل. (2023). حوسبة خطة حوسبة أعمال المحاكم، منشور على الرابط: https://www.moj.gov.jo. تاريخ آخر زيارة 13/11/2023.
([5]) حكمت، تغريد.(2019)، القضاء الإلكتروني، ط1، عمان: (د.ن)، ص(37، و67).
([6]) خطة حوسبة أعمال المحاكم، منشورة على موقع وزارة العدل.
([7]) الموقع من خلال الرابط https://services.moj.gov.jo، تاريخ آخر زيارة 13/11/2023.
([8]) خليفة، رباح سليمان، وإبراهيم، ذاكر أحمد(2021)، دور التقاضي الإلكتروني في الحد من التضخم الإجرائي، ص(548).
([9]) المادة (182) من قانون أصول المحاكمات المدنية. (1988). الدستور الأردني.
([10]) تمييز حقوق (هيئة عامة) رقم (2784 /2014) والمتعلق بتطبيق أحكام المادة (8) من قانون محاكم الصلح والتي تجيز إثارة أي دفع لرد الدعوى قبل الدخول في أساسها إما باللائحة الجوابية أو بطلب مستقل أو باستدعاء.
([11]) المادة (9/أ) من نظام استعمال الوسائل الإلكترونية في الإجراءات القضائية المدنية.
([12]) تمييز حقوق (هيئة عامة)، رقم 3491 لسنة 2021، بتاريخ 30/9/2021، وحكم محكمة استئناف عمان رقم (11093) لسنة 2022.
([13]) المادة (4/أ) من قانون البينات في البينات المقدمة في الدعوى التي تُنظر إلكترونياً. الدستور الأردني.
([14]) المادة (81/7) من قانون أصول المحاكمات المدنية والمادة (9/أ) من نظام استعمال الوسائل الإلكترونية. الدستور الأردني.
([15]) المادة (9) من نظام استعمال الوسائل الإلكترونية في الإجراءات القضائية المدنية.
([16]) تمييز حقوق (هيئة عامة)، رقم 3491 لسنة 2021. القرارات الصادرة عن محكمة التمييز (هيئة عامة - هيئة عادية).
([17]) أحمد، منصور. (2021). الشهادة الإلكترونية سماع الشاهد عن بعد. موسوعة. حماة الحق.
([18]) حكم محكمة صلح حقوق غرب عمان، رقم (427) لسنة 2023.
([19]) الخصاونة، محمود. (2021). التطور القانوني للتقاضي الإلكتروني في النظام القضائي الأردني. مجلة الشريعة والقانون، 48(2)، 105-130.
([20]) المادة 191 من قانون أصول المحاكمات المدنية. (1988). الدستور الأردني.
([21]) المجلس القضائي الأردني. (2023). القضاء الأردني يخطو أولى خطواته نحو قضاءٍ إلكتروني تسعة آلاف محاكمـــــــة (عن بُعد) أجريــــــت باستخدام تقنيات الاتصال المرئي خلال عام 2020. منشور على الرابط التالي: https://www.jc.jo/ar/blog.
([22]) التكروري، عثمان(2020)، الوجيز في شرح قانون التنفيذ، ط1، (د.ن)، فلسطين، ص(3).
([23]) قانون معدل لقانون التنفيذ رقم (9) لسنة 2022 المنشور على الصفحة رقم (3583)، عدد الجريدة الرسمية رقم (5796) بتاريخ 25/05/2022 والنافذ بتاريخ 24/06/2022.
([24]) نصت المادة (10/ب) من قانون التنفيذ رقم (25) لسنة 2007 وتعديلاته، المنشور على الصفحة رقم (2262)، عدد الجريدة الرسمية (4821)، بتاريخ 16/04/2007:"ب.1- يجوز تسجيل الدعاوى التنفيذية ودفع الرسوم عنها وتقديم الطلبات التنفيذية وسائر الأوراق وإجراء التبليغات والمخاطبات والإنابات بالوسائل الإلكترونية. 2- يصدر وزير العدل التعليمات اللازمة لتنفيذ أحكام البند (1) من هذه الفقرة. ج. تعتمد التبليغات الإلكترونية في الدعاوى التنفيذية بما فيها الرسائل النصية".
([25]) يمكن الدخول إلى النظام من خلال الرابط التالي https://services.moj.gov.jo/PetitionFollow.
([26]) القاضي محمود الدوس -رئيس تنفيذ محكمة عمان سابقاً-(2023)، تطبيقات قضائية في قانون التنفيذ، ضمن سلسلة محاضرات في المعهد القضائي الأردني.
([27]) يمكن الدخول إلى التعليمات من خلال الرابط التالي https://auctions.moj.gov.jo/UsagePolicy.aspx.
([28]) التعليمات الناظمة للبيع بالمزاد الإلكتروني رقم (1) لسنة 2022 الصادرة بموجب أحكام المادة (61/د) من قانون التنفيذ رقم (25) لسنة 2007 وتعديلاته.
([29]) التي نصت على: "أ- يتعين على كل من يرغب بالاشتراك في المزاد الإلكتروني اتباع ما يلي: 1- تقديم طلب إنشاء حساب إلكتروني خاص به على الموقع الإلكتروني وفق النموذج المعد لهذه الغاية. 2- توثيق وتفعيل حسابه من خلال مراجعة أي دائرة تنفيذ بشخصه أو بواسطة من ينوب عنه قانونا. 3- توقيع تعهد خطي بصحة الإدخالات التي تتم من حسابه وفقا للنموذج المعد لهذه الغاية. ب يعتبر المستخدم موافقاً على ما ورد في قائمة الشروط والأحكام الخاصة باستخدام الموقع الإلكتروني عند الانتهاء من توثيق الحساب ويتحمل مسؤولية الحفاظ على بيانات حسابه وعدم الإفصاح عنها".